أثارت تدوينة النائب البرلماني عن دائرة شيشاوة في جداره على موقع فيسبوك، ردود فعل متباينة في الأوساط المهتمة بالشأن التربوي في جهة مراكش- أسفي تجاوز مداها جغرافية الإقليم واستأثرت بالمواكبة الإعلامية والمصاحبة الميدانية للجن إدارية مختصة من طرف مدير الأكاديمية مولاي أحمد لكريمي تجاوبا مع ما عبر عنه النائب هشام لمهاجري.
وقد يكون الإجماع حاصلا أن مشاريع الإصلاح في أي قطاع، يحتاح إلى الأفكار وإلى الرجال في مضمار الصراع لأجل المصلحة العامة بروح وطنية وثابة وبإرادة وعزيمة ثابتتين، وليس وفقط إلى النوايا والخطابة من على المنابر.
والاختلاف وارد في تقدير المواقف والتفاوت في التعبير عنها والدفاع عليها، ولا يحق الاختلاف مع نائب برلماني لديه جميع الضمانات القانونية بحصانة تامة للتصريح بمواقفه وإعلانها عبر القنوات التي تمكن صيغ التعبير لتصير ممارسة واقعية وليس مجرد كلام للتسويق والاستهلاك الاعلامي، سوى في تفضيل فيسبووك عن منبر مجلس النواب أو كرسي رئاسة لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة لنقل موقف والتعبير عن إرادة.
نتفق مع الأستاذ المهاجري أن الأطفال والشباب ومعهم المرأة يحتاجون بشدة في العالم القروي والمناطق الجبلية إلى البنيات الأساسية والتحتية على الخصوص في التعليم والصحة والرياضة والثقافة… والى جهود مضاعفة للتمويل باهتمام متزايد وانشغال مسؤول…
ونختلف معه أن ذلك وحده لا يكفي في بلد تشهد جباله وسهوله مستوصفات ومدارس ودور الشباب مهجورة دارسة أمست أطلالا ودمنا لأنها معمار لم يتوفر له ما يؤهله أن يكون عمرانا بالموارد البشرية ذات الاختصاص من أطباء وممرضين وأساتذة ومعلمين وإداريين ومؤطرين ومكونين ومشرفين…
فكم من بنايات بالعالم القروي أحاطت بها العزلة على قمة جبل أو في منحدر سفح أو على ضفة واد هادر، إما تنعق فيها الغربان أو تنق الضفادع، وإما تم إليها نفي أطر من الشباب وتهجيرهم إناثا وذكورا في أقسى عقوبة إنسانية عند التوظيف والتشغيل لا تقر مواثيق حقوق الإنسان وأعراف الأخلاق البشرية بالظروف التي يعيشونها سوى عند التعذيب والإكراه.
نتفق مع النائب لمهاجري أن المسؤولين الحكوميين وكبار الموظفين عليهم بالتفعيل الأمثل للمفهوم الجديد للسلطة بالقرب من المواطن حيثما يكون، ونختلف وإياه في الصيغة التي يقترحها بالزيارة وفسحة التجوال في تتبع السواقي وتسلق الصخور يلتقط في أثنائها المسؤولون صورا كسائح في سوق للعشق للشمس والظلال…
ليست الحاجة إلى مسؤول يبرح مكتبه بخطوات في مواكبها مصاريف تثقل الميزانيات بما تنوء به الجبال، بل الحاجة إلى شريان يضخ منه المسؤول ميزانيات للتشغيل والتوظيف والتعليم والتثقيف والتكوين والتربية والتأهيل والتطبيب والتمريض كما الحاجة إلى الكفاية من ضمانات الحقوق في العدل والطمأنينة في الأمن والحماية في النظام والواجب في المسؤولية يستشعر المواطن من خلالهم أنه يحي حياة كريمة في وطن حر.
نختلف مع النائب لمهاجري المشهود له بالجرأة وبالفصاحة والبيان أن يستعيض عن لغته السياسية الأنيقة والبلاغية المهذبة، بمعجم ألفاظ (الإرشاد السياحي غير المرخص) وبقاموس الاحتيال في أسواق “السياحة” الرخيصة وعملتها (ذعر وعهر وابتزاز)
ونختلف معه أن يتوارى خلف جدار أزرق على صفحات الضوء في العالم الافتراضي، متبرما عن الاتهام الصريح للحكومة التي يساندها ويشارك فيها حزبه بالحقائب الوازنة الثقيلة، ليكيل لمسؤول جهوي ما لا يطيقه حملا في شق طريق وتهيئة مسلك وتوفير سكن لائق وسوق قريب وظروف عيش كريمة ليس وحسب لتلاميذ حالّين وآفاقيين بل وأيضا لمدرسين أساتذة ومعلمين وتربويين، وإنما ذلك من مسؤولية المنتخبين في الجماعات المحلية ومجلس الجهة والبرلمان والوزراء ومسؤولي الإدارة الترابية…
ونختلف مع السيد النائب الأستاذ لمهاجري أن يلجأ الى فيسبووك يخاطب من خلاله رواد صفحته ويفضل عالم الافتراض عن عالم الحقيقة والواقع عن التواصل المفيد النافع في الإسراع والتعجيل بتقريب البعيد وإحضار الغائب وتحقيق الممكن من المستحيل…عند استعمال سلطة التمثيل النيابي في خطبة عصماء من على منبر القبة أو من فوق كرسي وثير في القاعة المغربية بالمجلس المؤثتة بأصوات الأمة ومقاععد الوزراء أو عبر رسالة مختومة من فريق لا ينهزم يتلقها كل ذي سطوة وسلطة فيحرق خطابها أصابعه التي تشعل الحريق في القرار الذي يضيء أينما أراد البرلماني أن يوقد نورا.
ونختلف مع السيد النائب في الإيهام أن مشروع إصلاح التعليم رهن بناية أو بنايتين على قمة جبل أو في منحدر سهل أو هو قيد منصب أو مسؤول، إن الإصلاح سياسة والإصلاح إرادة والإصلاح عمل…وهو في التعليم مسؤولية أمة وشعب…فلئن توفرت البناية فالحاجة أمس إلى ما يحقق للبواية فاعليتها ونجاعتها والنهوض بالأدوار الموكولة إليها.
ونختلف مع النائب البرلماني أن يتموقع مع زمرة المتواطئين ضمن جمهور الصامتين عما وصفه ب(الگاميلة) حين يعلم ويسكت في مقام الجهر حين يصدع الحق في وجه الظلم ويصيح الصلاح أمام الفساد ويستصرخ الحق بالعدل على الباطل…وهو ممثل الأمة الذي لا يوصد في وجه صفته مسؤول ولا يقف متوسلا ردا على اتصال أو مقابلة في مكتب أو صلة من مسؤول، يتقمص شخصية البصير الأعمى.
لكنا نتفق أن يكون لكل تلميذ مقعده للتعليم بمدرسة فوق جبل وتحت الثلج وفي السهول والنجود بين الكتبان عند الصحاري وعلى الضفاف
نتفق مع السيد النائب أن يكون صوتا للأمة ممثلا عنها ولها رافعا لواء المصلحة العليا، بالخطاب الذي يسمو إلى منزلة وطن أشم أبي لا يتطأطأ كالراية والعلم
نتفق مع الأستاذ المهاجري في كل دفوعاته المبهرة التي تنأى عن الشعبوية المسجلة له في وجدان الشعب المغربي من منبر البرلمان رغم ما أبديناه من اختلاف على تغريدته التي يكاد يصيب بها في مطعن مسؤولا جهويا ولعله من كل ما تم نشره وبثه ونقله براء.
وإذ تكون المناسبة شرطا فإنا ندعو السيد النائب لتوجيه دفوعاته بشأن قطاع التربية والتكوين إلى الاهتمام والعناية بالاوضاع المادية لنساء ورجال التعليم وتسوية وضعيات المتعاقدين وإيجاد صيغ الحلول لمعضلات البرامج والمناهج المدرسية واقتراح المبادرات لتفعيل مشروع المدرسة الدامجة/
* كاتب وإعلامي