إحاطة مثارة *
بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعسف الشُرَطي
سواء تعلق الأمر بتدبير أمن الفضاء العمومي أو بأمن الفضاء الافتراضي، وسواء تعلق الأمر بما قبل الجائحة أو خلالها، تراكمت عدد من الحالات التي شكلت موضوع احتجاج من طرف عدد من الفاعلين الحقوقيين الوطنيين والدوليين ، تدبير أفضى الى متابعات قضائية لا زالت تثير كثيرا من القلق..
ويفترض أن تدبير هكذا حالات خاضع لتوافق مجتمعي متأتى من خلاصات معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا والتي انتهت إلى رفض التسيب الأمني وإلى ضرورة اخضاع الفعل الأمني لمقتضيات الحكامة بما يعني ذلك إدماج السياسات الأمنية في السياسات العمومية وإخضاعها لمسؤولية الحكومة ورقابة البرلمان وحصر غايتاها في حماية الحقوق والحريات كما هي مكرسة في أدبيات القانون الدولي لحقوق الانسان ، ومثبتة بقوة الاعلاء الدستوري لها ،وحماية المؤسسات الوطنية الدستورية ، وهو ما سيحقق ضرورةً ، تدبيرًا ديمقراطيًا للنزاعات الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية.
وإذا كانت الإدارة العامة للأمن الوطني بذلت وتبذل مجهودا ملحوظا من خلال التغييرات لجهة التحديث التي أحدثتها على المستوى “العقدي” والمؤسساتي و السلوكاتي التخليقي والتواصلي والقانوني ؛ فإن الحكومة أولا والفاعلين السياسيين والفاعلين التشريعيين كذلك ، لا زالوا غير راغبين في تحمل مسؤولياتهم و عازفين عن واجب المساهمة في صناعة وتدبير الأداء الأمني الوطني وعلى كافة المستويات ، وهو ما يعطل مأسسة المجهود المبذول في المجال ويبقيه ذا طابع مهني صرف خال وعار من ” التغطية /الحماية/المسؤلية “السياسية الحكومية.
إن الفاعلين المدنيين و الأكاديميين(؟) وكذا اليوتوبيين ومن على شاكلتهم يراوحون تفاعلهم مع الموضوع بين “التقرب «الفج أو الانتقاد الفج.
وفي مجال التشريع فإن التأخير السياسوي لإصلاح المدونة الجنائية وخاصة في مجالات تجريم الانتهاكات الجسيمة و إخضاع الحراسة النظرية والاعتقال الاعتقال الاحتياطي وأبحاث الضابطة القضائية وأعمال قضاء التحقيق لقواعد حقوق الانسان والممارسات الديمقراطية الفضلى – ناهيك عن تفعيل شرط الملاءمة والأسبقية – يساهم في تكريس تغيب الفاعلين عن توفير مناخ حديث وعصري لأداء أمني خال من التعسف ، الشيء الذي يستدعي ترسيخ التعاون ” على مستوى التنسيق والرقابة الدستورية المتبادلة ” فيما بين السلطات ضمانا للأمن القانوني والقضائي ، وعلى الخصوص في العلاقة مع مطلب تجويد عمل الضابطة القضائية ونجاعة الرقابة القضائية بما يخدم ويعزز آليات الوقاية والحماية من الشطط والتعنيف والتعذيب وكافة أشكال سوء المعاملة والتمييز والوصم .
من هنا فإن المركز المغربي للديمقراطية والأمن يأمل في انخراط واع من طرف كل الفاعلين من أجل خلق وإدامة مناخ أمني مواطن وديمقراطي ، فلا يعقل أن يتم تكريس قاعدة ” كم من حاجة قضيناها بتركها ” والتي تتمظهر في اعتبار أغلب الأحزاب السياسية وكذا الهيئات المدنية والحقوقية أن المسألة الأمنية ( كالشأن الديني والسياسة الخارجية) مجال محفوظ حصريا للمؤسسة الملكية ، وهو تمثل يشرعن للإفلات من المحاسبة مادامت بقية المؤسسات ( خاصة الحكومة ) تتنصل من تحمل المسؤولية بالإختفاء وراء هذه القاعدة المرفوضة ، في ظل توافق الإرادات بما يشبه الإجماع على التلكؤ في تفعيل مقتضيات الفصل 54 من الدستور المغربي المتعلق بالحكامة الأمنية المنوط بها المجلس الأعلى للأمن ، والذي لم يقع تنصيبه منذ نيف و عقد من الزمن رغم أن إصرار التقرير النهائي لهيأة الإنصاف والمصالحة الذي أوصى به ضمن توصياته الوجيهة لتفادي الاحتقان والانفلات الأمني .
طبعا إن مناسبة هذا القول هي احتفاء المجتمع الأممي باليوم العالمي لمناهضة تعسف الشرطة الموافق ل15 مارس من كل سنة.
فلنجعل كل يوم 15مارس مناسبة للتداول في شأننا العمومي الشُرَطي ، وندعو الجميع إلى الإنخراط في دينامية المركز الذي سيجدد انفاسه من خلال تجديد هياكله وتطوير آليات اشتغاله بأبعاد إنسانية إقليميا ودوليا .
- ملحوظة : نقول إحاطة لأن المركز لا يصدر بيانات .
- رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن