(كش بريس/ التحرير) ـ أمام مجلس المستشارين بمقاعد فارغة، قال وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، إن العقوبات البديلة شكلت وجها مشرقا في تاريخ السياسة الجنائية، وأضحت خيارا أساسيا وركيزة من الركائز الأساسية في السياسات العقابية الحديثة، حملت تغييرا عميقا في فلسفة العقوبة ووظائفها عبر تدعيم غايتها الإصلاحية والإدماجية على حساب البعد الانتقامي.
وأبرز وهبي، في مداخلة له خلال جلسة تشريعية خصصت للتصويت على مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، أمام مجلس المستشارين، أن جل الأنظمة الجنائية الحديثة راهنت بشكل كبير على تبني نظام العقوبات البديلة كسبيل لتحديث وتطوير سياستها العقابية، والحد من إكراهات الوضع العقابي القائم نتيجة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، والتغلب على مساوئ العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، التي لا تكفي زمنيا لتحقيق البرامج التأهيلية والتكوينية، بل بالعكس تسهم سلبا في إدماج المحكومين بها بفعل الاختلاط مع من هم أكثر خطورة.
وأكد المسؤول الحكومي، على أن اعتماد نظام العقوبات البديلة في منظومتنا القانونية العقابية والتأهيلية أصبح مطلبا أساسيا، وطموحا منشودا حمله ودافع عنه العديد من الفاعلين الحقوقيين والقانونيين وغيرهم في مناسبات متعددة، وتم استحضاره في العديد من المحطات والمناسبات الكبرى بدءا بأشغال هيئة الإنصاف والمصالحة، ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية لسنة 2004، والحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، وكذا العديد من توصيات المناظرات والندوات والمؤتمرات والورشات الوطنية، وهو ما دفع جلالة الملك نصره الله، في إطار إرساء توجهات السياسة الجنائية الحديثة، إلى الدعوة لاعتماد نظام العقوبات البديلة في الخطاب المولوي السامي بتاريخ 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب.
كما أشار أيضا، إلى أن الوزارة استحضرت في إعداد هذا النص جل المرجعيات والقواعد والمعايير الدولية المعتمدة، وعلى رأسها المبادئ العامة الواردة في قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو)، لضمان التوازن بين حقوق المحكوم عليهم وحقوق الضحايا وحق المجتمع في الأمن العام ومنع الجريمة، من خلال توسيع دائرة الاستفادة مع استثناء الجرائم الخطيرة والأشخاص العائدين والتنصيص على تدابير إصلاح أضرار الجريمة، وتوفر الصلح أو تنازل الضحايا في أهمها وخضوع ذلك لرقابة القضاء، سواء عند تقرير العقوبة البديلة أو حق المنازعة فيها لتصحيح ما قد يشوب تحديدها وفق مساطر محددة ومبسطة لإضفاء المرونة.