(كش بريس/خاص) ـ بأمر من الملك، جرى اليوم الاثنين بالرباط، افتتاح السنة القضائية الجديدة 2024، وذلك بحضور رئيس مجلس المستشارين، ووزراء ومسؤولون حكوميون، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات، تسليم أوسمة ملكية أنعم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عدد من القضاة.
وفي كلمة بالمناسبة، أبرز الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أن شعار الجلسة الافتتاحية للسنة القضائية 2024: “جدية الأداء القضائي من مصداقية الالتزام الأخلاقي”، يعكس انخراط محكمة النقض في الدعوة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2023، لجميع مكونات المجتمع المغربي بالتحلي بالجدية والحزم.
وأضاف السيد عبد النباوي أن افتتاح السنة القضائية يعد مناسبة للتعريف بالنشاط القضائي لمحاكم المملكة وبعمل محكمة النقض ونشاطها، والبرامج التي تقرر تنفيذها خلال السنة الجديدة.
وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، من جانبه، إن هذه الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية 2024، التي يأتي انعقادها تنفيذا للأمر المولوي السامي لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، يعد التفاتة ملكية سامية حافلة بالدلالات ما فتئ جلالته يسبغها على السلطة القضائية.
وأضاف أن افتتاح السنة القضائية أضحى تقليدا رسميا راسخا يتم خلاله مد جسور التواصل مع مختلف الفاعلين والمهتمين بمجال العدالة، ومناسبة سانحة لانفتاح السلطة القضائية على محيطها وتقريب حصيلة نشاطها القضائي من المهنيين والمتتبعين، وفرصة أيضا لبسط مختلف المجهودات التي بذلها قضاة وأطر العدالة خلال السنة القضائية المنقضية واستشراف آفاق اشتغالهم خلال السنة الجديدة.
;أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، أن الارتقاء بالأمن القانوني والقضائي يفرض بذل المزيد من الجهود في اتجاه تبسيط المساطر وتطوير آليات بديلة عن الدعوى العمومية.
وقال السيد الداكي، في كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة 2024، ” إن الارتقاء بالأمن القانوني والقضائي وفق المنظور القويم الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مناسبات عديدة، يفرض بذل المزيد من الجهود في اتجاه تبسيط المساطر وتطوير آليات بديلة عن الدعوى العمومية بما يكفل إصدار أحكام عادلة وملائمة داخل آجال معقولة”.
وسجل في هذا السياق، أن هذه الغايات لا يمكن بلوغها إلا بتكامل أدوار مختلف الفاعلين في مجال العدالة من دفاع ومساعدي القضاء، باعتبارهم جزء لا يتجزأ من أسرة القضاء، وفاعلا محوريا إلى جانب باقي المتدخلين في مجال العدالة الجنائية.
وأبرز السيد الداكي أن النتائج المحققة من قبل النيابة العامة لدى محكمة النقض تعكس الدينامية وروح الجدية التي يتحلى بها قضاتها وأطرها، لافتا إلى أن ” النيابات العامة لدى محاكم الموضوع لم تحد بدورها عن هذا التوجه الناجع والفعال، إذ حققت نتائج جد مُرضية خلال سنة 2023، سواء عند تدبيرها للشكايات والمحاضر ومختلف الإجراءات، أو عند تدبيرها لوضعية الأشخاص المقدمين أمامها، وحرصها على ترشيد الاعتقال الاحتياطي، ونهوضها بأدوارها الطلائعية في حماية الحقوق والحريات، وتنفيذ أولويات السياسة الجنائية المحددة”.
وأكد أن هذه النتائج تبدو جلية في مجال تدبير الشكايات والمحاضر ووضعية الأشخاص المقدمين أمام النيابات العامة لدى محاكم المملكة، مشيرا إلى أنه على مستوى الشكايات، تولى قضاة النيابة العامة لدى محاكم المملكة خلال سنة 2023 تدبير ما مجموعه 633 ألف و832 شكاية رائجة، توزعت بين 602 ألف و443 شكاية أمام المحاكم الابتدائية، و31 ألف و 989 شكاية أمام محاكم الاستئناف.
كما سجل السيد الداكي أنه تمت تصفية 551 ألف و874 شكاية، منها 524 ألف و667 على مستوى النيابات العامة لدى المحاكم الابتدائية، و27 ألف و207 شكاية على مستوى محاكم الاستئناف، وذلك عبر الإشراف على الأبحاث التي تنجز في شأنها من قبل مختلف مصالح الشرطة القضائية وإصدار القرارات المناسبة بشأنها.
وأشار أيضا إلى أن نسبة تصفية الشكايات خلال سنة 2023 بلغت إجمالا ما يناهز 87 بالمائة من مجموع الرائج منها، وهي نسبة تتجاوز نسبة الإنجاز المحققة خلال سنة 2022 والتي بلغت 82 بالمائة، الأمر الذي يعكس حجم المجهودات المبذولة من قبل النيابات العامة ومصالح الشرطة القضائية المكلفة بإنجاز الأبحاث.
وأضاف أن عدد الشكايات الرائجة خلال هذه السنة المحدد في 633 ألف و832 عرف انخفاضا مقارنة مع سنة 2022 التي بلغ العدد فيها 670 ألف و251 شكاية أي بنسبة انخفاض تقدر بحوالي 5,7 بالمائة.
وعلى مستوى تدبير المحاضر، أوضح السيد الداكي أن عدد الرائج من هذه الشكايات بلغ خلال سنة 2023 ما مجموعه 2.606.824 محضرا تمت معالجتها بنسبة 95 بالمائة، وذلك بتجاوز النسبة المحققة عند نهاية سنة 2022 والتي ناهزت آنذاك 92 بالمائة، أي بتصفية ما مجموعه 2.469.720 محضرا من أصل 2.606.824 محضرا الذي كان رائجا على المستوى الوطني، فيما لا زال 137 ألف و104 محضرا فقط في طور الإجراءات والذي يشكل نسبة 5 بالمائة من مجموع الرائج، معتبرا أن هذه النسبة تفصح عن حجم المجهودات المبذولة من قبل قضاة النيابة العامة ومختلف مصالح الشرطة القضائية المكلفة بإنجاز الأبحاث.
وبخصوص الاعتقال الاحتياطي، سجل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن هذا الموضوع يعتبر من بين أولويات مواكبة تنفيذ السياسة الجنائية التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعكسه عدد الدوريات الصادرة عنها في هذا الشأن، والتي ركزت كلها على ترشيد الاعتقال الاحتياطي والحرص على بذل الجهود الممكنة للمساهمة في البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين داخل آجال معقولة.
وأبرز أن الجهود المبذولة في هذا الإطار سواء من قبل النيابة العامة أو الهيئات القضائية المكلفة بقضايا المعتقلين الاحتياطيين أسفرت عن تحقيق أدنى معدل اعتقال احتياطي تم تسجيله خلال العشر سنوات الأخيرة، والذي بلغ عند نهاية شهر دجنبر 2023 نسبة 37,56 بالمائة مقابل 40,85 بالمائة عند نهاية سنة 2022، حيث انخفض عدد المعتقلين الاحتياطيين إلى 38 ألف و552 معتقلا من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 102 ألف و650 نزيلا.
وفي إطار تجسيد دورها الرقابي في مجال حماية الحقوق والحريات، أشار السيد الداكي إلى أن قضاة النيابات العامة قاموا خلال سنة 2023 بزيارات تفقدية للأشخاص الموقوفين بالأماكن المخصصة للحراسة النظرية بلغ عددها 21 ألف و930 زيارة، بزيادة فاقت نسبة 115 بالمائة من الزيارات المفترض القيام بها قانونا والمحددة في 18 ألف و952 زيارة. كما تم القيام بـ 183 زيارة لمستشفيات علاج الأمراض العقلية، أي بنسبة بلغت 143 بالمائة من عدد الزيارات المفترضة قانونا خلال السنة، وبـ 1042 زيارة للمؤسسات السجنية سنة 2023، مقابل 1031 زيارة خلال سنة 2022.
وأبرز أيضا أن النيابة العامة حرصت خلال سنة 2023 على التفاعل الإيجابي مع كافة الشكايات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك الخاصة بادعاءات العنف وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي…، مع تحريك المتابعة كلما توفرت شروط ذلك ضمانا لمبدأ المساواة أمام القانون ولقاعدة عدم الإفلات من العقاب، مضيفا أنها حرصت كذلك على حماية الحقوق المكفولة لفائدة الموقوفين، بما في ذلك الحق في السلامة الجسدية من خلال إصدار أوامر بإخضاع 232 موقوفا للفحص الطبي.
وخلص السيد الداكي إلى التأكيد على أن أمل تحقيق الأهداف المسطرة والنهوض بحجم الانتظارات التي تقع على عاتق النيابة العامة يتطلب تعزيزها بالموارد البشرية اللازمة التي تقدر آنيا بحوالي 1000 قاضية وقاض.
ـ الصورة: MAP