صدر حديثا للباحثة دة.رشيدة حدادي كتاب تحت عنوان: “دور السياسات العمومية الأمنية في مكافحة الإرهاب الخلايا النائمة أنموذجا” عن دار الأفاق المغربية للتوزيع والنشر طبع المطبعة الوطنية مراكش ضمن طبعة أولى.
الكتاب ومن خلال قسمين تناول موضوعا في غاية الأهمية ويطرح إشكالات كبرى على المستويين الوطني والدولي ،ألا وهو الإرهاب وخلاياه الإرهابية النائمة، كونه من أخطر التهديدات الأمنية المعاصرة التي ترهق كاهل الدول والمنتظم الدولي، ولما يشكله من استنزاف مالي طائل يصرف على العدة والعتاد اللوجستي والبشري لمواجهة هذه الجريمة العابرة للقارات، ولما لها من آثار ووقع خطير على الأمن القومي للمجتمعات، ولما تشكله من خطر أيضا على كل المكتسبات الحقوقية الكونية التي تدعم الحق في الأمن والسكينة العامين، وهو ما شكل موضع إدانة ورفض دوليين، ودفع صانعي القرار إلى صياغة هندسة سياسية عمومية أمنية، كفيلة باحتواء المد الإرهابي وما يتمخض عنه من خلايا إرهابية نائمة، خصوصا مع التطور السريع لمجال التكنولوجيا، وذلك بتبني مقاربات متعددة ومتناغمة لكل المجالات والقطاعات الفاعلة، كل بحسب موقعه واختصاصه وعلى رأسها المؤسسة الملكية لما تقوم به من أدوار حيوية من موقعها الديني (إمارة المؤمنين) في هذا الخصوص.
وبما أن المغرب يعتبر من أبرز الناشطين دوليا في مجال مكافحة الإرهاب وخلاياه النائمة منذ الأحداث الإرهابية للحادي عشر من سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، وما تلاها من أحداث دامية بتاريخ 16 ماي 2006 التي ضربت مدينة البيضاء، والتي شكلت النقطة المفصلية لمنظور صانعي ومنفذي السياسات الأمنية في هذا الباب وعلى رأسهم المؤسسة الملكية، حيث شكل الخطاب الملكي بتاريخ 29 ماي2003 بمثابة خارطة طريق لصناعة وصياغة سياسات عمومية أمنية قادرة على محاصرة ومكافحة الإرهاب.
وبما أن المؤسسة الأمنية بكل تشكيلاتها وتلويناتها موكول لها السهر على بسط الأمن والسكينة العاميين والحفاظ على سلامة الأرواح والممتلكات، فقد انخرطت بشكل طلائعي في هذا الباب على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بهدف تحقيق المقاصد الكبرى لإحلال السلم والأمن، ما جعل التجربة المغربية رائدة ومتميزة في هذا الخصوص، لما أبانت عنه من حنكة وحس أمني استباقي، كونها اعتمدت على مجموعة من الآليات الوطنية والدولية لإنجاح منظورها الأمني العام لمواجهة الإرهاب، وهو الأمر الذي تناوله هذا المؤلف من خلال تسليط الضوء على جل القطاعات والمؤسسات المعنية ابتداء من صياغة ووضع القرار إلى غاية تنفيذه مع محاولة الوقوف على مكامن الخلل والقصور في هذه السياسات، ثم وضع تصورات يمكن أن تكون عناصر لصياغة سياسات جديدة تكون كفيلة بكبح تناسل الخلايا الإرهابية بما يضمن أمن المغرب واستقراره.