(كش بريس/ العزيزي اللمتوني) ـ تعتبر ظاهرة البناء العشوائي من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي تتفشى في العديد من المناطق الحضرية في المغرب، وتعد منطقة أسكجور بالمحاميد بمراكش نموذجا صارخا لهذه الظاهرة. في هذه المنطقة، ظهرت مجموعة من الأفراد، الذين يمكن أن نسميهم “المليارديرات الجدد”، الذين راكموا ثروات هائلة من خلال أنشطة مشبوهة تتعلق بالبناء العشوائي.
المليارديرات الجدد: من هم؟
هؤلاء الأفراد يعملون بشكل سري وينتشرون في مختلف أرجاء دواوير منطقة أسكجور (المعصرة ارقوان، القايد، الفيران، الحفرة، حاحا،…) ، حيث استغلوا الفوضى والتسيب في قطاع البناء لتحقيق مكاسب مالية ضخمة. هم “موزعن سريون”، يقومون ببناء دواوير عشوائية وإقامة علاقات مشبوهة مع بعض المنتخبين ورجال السلطة في المنطقة لضمان استمرار نشاطاتهم دون مضايقات قانونية.
استراتيجيات الثراء المشبوه
لتحقيق هذه الثروات، اعتمد هؤلاء الأفراد على عدة استراتيجيات:
- إنشاء محلات للسمسرة: تعتبر هذه المحلات الوسيط الرئيسي لبيع البراريك العشوائية، حيث يقومون ببيعها مقابل مبالغ مالية كبيرة.
- تقديم ضمانات للتعويض: لضمان الثقة بين البائعين والمشترين، يقدم هؤلاء الأفراد ضمانات بتعويض المشترين في حالة هدم البراريك. هذه الضمانات تزيد من إقبال الناس على شراء هذه البراريك العشوائية.
- علاقات مشبوهة مع المسؤولين: يتصل هؤلاء الأفراد بكل رجل سلطة يعين في المنطقة، حيث يوفرون له الجو المناسب لضمان عدم تدخل السلطات في نشاطاتهم.
هؤلاء المزعون السريون يحتلون دواوير على مشارف الطريق المدارية الرابطة بين طريق الصويرة وشارع كماسة على بعد أمتار من الملحقة الإدارية أسكجور، شمل الهدم هذه الدواوير عدة مرات لتنبت بها براريك جديدة يحصل أصحابها على ضمانات قوية لتعويضهم في حالة الهدم. نفوذ هؤلاء الموزعين السريين جعلهم محل ثقة بالنظر لعلاقاتهم وشبكاتهم التي توفر لهم الحماية على مستويات متعددة. بنوا فيلات ومقاه واستثمروا في العديد من الأراضي، مما جعل منهم مليارديرات بعيدين عن المساءلة.
خلق هؤلاء الموزعون السريون من منطقة أسكجور منطقة ريفية بامتياز مما يصعب معه التخلص من دور الصفيح في غياب التعامل الجدي مع هؤلاء الموزعين السريين، حيث سبق أن تم هدم المئات من البراريك العشوائية عن آخرها قبل عشر سنوات لتعود بكل قوة بل أكثر مما كانت عليه. والغريب أن قبيل عيد الأضحى عرفت المنطقة ازدهارا مطردا للبنايات العشوائية واللاقانونية تحت أعين السلطة المحلية دون أي تدخل يذكر، مما يعطي للجميع إحساسا قويا بالحماية اللازمة نظرا لتشابك المصالح .
رؤية مشتركة وموحدة
يتشارك هؤلاء المليارديرات رؤية موحدة تتمثل في الاستفادة من التعويضات التي تقدمها الدولة عن هدم البراريك. بعد الحصول على التعويضات، يقومون بتحويل المنازل التي يستفيدون منها إلى مقاه ومرافق أخرى لزيادة أرباحهم.
الدواوير والبناء العشوائي
لم تتوقف نشاطات هؤلاء الأفراد عند حدود معينة. فبالإضافة إلى إقامتهم في الدواوير، يقومون ببناء براريك جديدة وبيعها مع كافة الضمانات اللازمة للتعويض. هذه الدائرة المغلقة من البناء والبيع والتعويض تساهم في تفشي الظاهرة بشكل كبير وتفاقم مشاكل التخطيط العمراني في المنطقة.
الآثار السلبية للبناء العشوائي
تترك هذه الظاهرة آثارا سلبية عديدة على المجتمع والبيئة في أسكجور، منها:
- التدهور البيئي: البناء العشوائي يؤدي إلى تدهور البيئة المحلية بسبب عدم وجود تخطيط عمراني مناسب وعدم توفر بنية تحتية ملائمة.
- المشاكل الاجتماعية: تنشأ العديد من المشاكل الاجتماعية نتيجة لانتشار العشوائيات، مثل الفقر والبطالة والجريمة.
- التأثير على الاقتصاد المحلي: بالرغم من الثروات التي يجنيها هؤلاء الأفراد، فإن الاقتصاد المحلي يعاني من عدم الاستقرار بسبب الفوضى في قطاع البناء.
تعتبر ظاهرة البناء العشوائي في أسكجور بالمحاميد بمراكش من الظواهر التي تتطلب تدخلا عاجلا من السلطات المحلية والوطنية. وذلك من خلال وضع خطط واستراتيجيات محكمة لمكافحة هذه الظاهرة والحد من آثارها السلبية على المجتمع والبيئة. إن تنظيم قطاع البناء وضمان تطبيق القوانين بشكل صارم هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.