يجمع الرئيس الأمريكي جو بايدن يومي الخميس والجمعة حوالي مئة دولة في “قمة من أجل الديمقراطية” أثارت استياء الصين وروسيا. وأوضح البيت الأبيض بأن هدف الحدث الذي تنظمه واشنطن افتراضيا بسبب جائحة فيروس كورونا، الكشف عن الصراع بين الديمقراطيات والأنظمة الديكتاتورية والأنظمة الاستبدادية، وهي في صلب السياسة الخارجية لبايدن.
وفي السياق، صرحت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان أوزرا زيا “نحن في لحظة الحقيقة من أجل الديمقراطية، بدون شك”. مضيفة بأن الديمقراطيات في العالم “تواجه تحديات متزايدة مصدرها التهديدات الجديدة.. في جميع أنحاء العالم تقريبا، شهدت هذه الدول درجات متفاوتة من التراجع الديمقراطي”.
“نموذج واحد للديمقراطية”
وتجمع القمة ممثلي مئة حكومة ومنظمة غير حكومية وشركات ومنظمات خيرية. لكن لائحة المدعوين أثارت توترا شديدا. حيث نددت الصين وروسيا اللتان يعتبرهما بايدن أبرز الدول السلطوية، باستبعادهما عن القمة.
وكان سفيرا روسيا أناتولي أنطونوف والصين تشين غانغ كتبا في مقالة مشتركة في نهاية نوفمبر “أن تسمح الولايات المتحدة لنفسها بتحديد أي دولة تعد ديمقراطية وأي دولة ليست مؤهلة لهذا الوضع يكشف عن عقلية الحرب الباردة”، رافضان فكرة وجود نموذج واحد للديمقراطية وأشادا بنظاميهما اللذين يرتكزان على “الحقائق الصينية” أو “التقاليد” الروسية.
كما أن دعوة تايوان أثارت غضب بكين التي تعتبرها مقاطعة صينية حتى لو لم تكن تسيطر عليها.
ألعاب بكين الشتوية
ونقطة خلاف أخرى هي إعلان واشنطن الاثنين أنها لن ترسل أي ممثل دبلوماسي إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في فبراير احتجاجا على انتهاكات حقوق الإنسان في الصين لاسيما ما تعتبره “إبادة” بحق أقلية الأويغور المسلمة. وانضمت أستراليا وبريطانيا وكندا إلى هذه المقاطعة الدبلوماسية التي شجبتها بكين وموسكو.
والخميس، نددت الصين بقرار الدول الأربعة محذرة إياها من أنها “ستدفع الثمن”. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ وينبن أمام الصحافيين إن تلك الدول التي سترسل رياضيين إلى الألعاب الأولمبية لكن ليس مسؤولين رسميين، “ستدفع ثمن” قرارها.
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان أو التزوير الانتخابي، فإن اختيار الدول المدعوة يثير تساؤلات أيضا. فقد تمت دعوة باكستان والفلبين والبرازيل التي يرأسها اليميني المتطرف جايير بولسونارو لكن ليس المجر العضو في الاتحاد الأوروبي حيث هناك حكومة قومية في السلطة أو حتى تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان رغم أنها حليفة واشنطن ضمن حلف شمال الأطلسي.
بايدن والتحديات الداخلية
وتأتي القمة فيما تشهد الولايات المتحدة أزمة سياسية غير مسبوقة حيث يندد الرئيس السابق دونالد ترامب وحلفاؤه المحافظون بحصول تزوير انتخابي أدى إلى خسارتهم الانتخابات في نوفمبر2020، لكن بدون تقديم أدلة على ذلك. كما زعزع الهجوم العنيف الذي شنه أنصار ترامب على الكونغرس في 6 يناير أسس الديمقراطية الأمريكية، فيما تبقى البلاد منقسمة رغم محاولات الرئيس أن يظهر بانه يجمع الأمة.
ويواجه بايدن أيضا خلال سنة انتخابات منتصف الولاية التشريعية التي عادة ما تكون نتائجها غير مؤاتية للسلطة القائمة. هذه الانتخابات يمكن أيضا أن تدفع ترامب إلى الترشح لولاية جديدة في 2024 في حال حقق الجمهوريون فوزا انتخابيا.
وفي هذا الشأن، صرح بروس جنتلسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك بأن هذه القمة “كانت على الدوام فكرة سيئة”. موضحا “لدينا مشاكل أكبر من مشاكل أي ديمقراطية غربية أخرى” مضيفا “لقد تم اقتحام الكونغرس، هذه محاولة انقلاب. لم نر هذا الأمر يحصل في باريس أو البوندستاغ (ألمانيا) أو مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل”. وتابع جنتلسون “إذا أردنا التنافس، فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا، والأمر يعود إلينا بالفعل بدلا من جمع مئة قائد للقول نحن نحب الديمقراطية”.
أ ف ب (الصورة من الأرشيف)