في الوقت الذي تتوجه إنتظارات الحقوقيين، خصوصا الحالمين بدولة القانون من أجل الحقوق والمكرسة للأمن القانوني والأمن القضائي، إلى مزيد من تحصين لمكتسبات القضاء الإداري الوطني الذي لعب دوره التأسيسي والتاريخي في الحد من الشطط في إستعمال السلطة والتعسف في تسخير القانون والقوة العمومية، على إمتداد ثلاثين سنة على الأقل، وعلى الخصوص منذ إحداث المحاكم الإدارية ثم محاكم الإستئناف الإدارية. والذي اعتبره عاهل البلاد في حاجة إلى مجلس للدولة يعضد جدوى القضاء الإداري في العلاقة مع حماية المواطنين من تجاوز السلطة العمومية وأشخاص القانون العام..
في هذا الوقت بالذات تفاجئنا المبادرة التشريعية “غير الحكيمة للحكومة” بعرض وتقديم القانون المتعلق بالتنظيم القضائي ، والذي صادق عليه مجلس النواب ومجلس المستشارين وصار نافذا منذ منتصف يناير 2023 ، حيث عاد القضاء القضائي تحت لواء القضاء العادي بالمحاكم الإبتدائية بأن صارت المحاكم الإدارية مجرد غرف تحت ولايته . ويبدو أن الامل والإرادة في إستكمال دولة الحق بالقانون قد خبيا ، وباسم تقريب القضاء من المواطنين سيتم القضاء على إزدواجية القضاء مما يمس بالكفاءة على مستوى التخصص والتكوين المفيد، والذي قد توحي تداعيات التهور بشأنه بتضخم الهيمنة لدى السلطة التنفيذية ، وفي ذلك فليفتح نقاش عمومي للإستدراك ، ما دامت الأمور تسير عكس التيار .
*رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن