“قَلما يجتمع لدى صحافي تتبع الأحداث والقدرة على التحليل وجمالية العرض والغور في التاريخ.. تلك مواصفات نجدها عند عبد العزيز كوكاس، فهو بلا مراء الأديب الصحافي والصحافي الأديب، وهو إلى ذلك شاهد على مرحلة بأفراحها وأتراحها، بآمالها وتعثراتها. لذلك حين نقرأ لكوكاس فنحن نقرأ مقالا صحافيا ونصا أدبيا وشهادة تاريخية.. ومما يضفي أهمية على كتابات كوكاس، ثقافته الواسعة ووعيه التاريخي وشغبه الذي يعرفه كل من احتك به وهو الشغب الذي يقدح شعلة الحس النقدي”. بهذا التقديم المشع الذي كتبه الباحث والروائي حسن أوريد يمهر الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس كتابه الجديد “براد المخزن ونخبة السكر”، وهو كتاب صادر عن منشورات النورس في يناير الجاري، ويضم بين دفتيه سلسلة من المقالات في التحليل الإخباري والسياسي لقضايا ملحة وشمت الزمن المغربي طيلة عقدين من الزمن.
يقول الكاتب عبد العزيز كوكاس في تقديم كتابه: “ما يتضمنه الجزء الثاني من كتابي “أحلام غير منتهية الصلاحية” الذي اخترت له عنوانا مغايرا كما الأمر فيما سيأتي من أجزاء متتالية: “براد المخزن ونخبة السكر”، هو سلسلة مقالات للتعبير عن الرأي، معظمها كان عبارة عن افتتاحيات في أكبر الأسبوعيات التي وشمت الجسد الصحافي المغربي والتي تحملت بها رئاسة التحرير أو إدارة الجريدة في لحظة مفصلية، أو مقالات تحليلية لأحداث ووقائع سياسية آنية في مرحلة متميزة من الزمن السياسي المغربي مع نهاية قرن وبداية آخر، أفول عهد وميلاد عهد جديد.. ما أسميه دوما بزمن العتبة، بمخاضاته الكبرى، بأحلامه التي حررت الطاقات والأصوات، بخيباته وتوهجاته، بأسراره الحارقة التي كنت في قلب جزء منها.. شاهدا على تفاعلاتها أو مجرد متتبع لها.. بما يعني أن هذه الكتابات كانت في قلب بوتقة انصهار المواد الأولية في الفرن الأساسي لهذه المرحلة”.
بلغة شفيفة تمتح من الأدب وإن كانت تحاكي الوقائع والأحداث الجارة، وإن اتكأت على منطق التحليل الصحافي والسياسي فإنها لا تعدم خيالا مبدعا، هو ما جعل الكاتب والإعلامي محمد الصديق معنينو يقول عنها وعن كتابات المؤلف عموما: ” عبد العزيز كوكاس صحفي خاض غمار مهنة الصحافة وامتحن صعوباتها وترك بصمات جلية على جبينها بعد تجارب أكيدة في منابر متعددة، حافظ خلالها على نقاوة مهنية رغم اشتغاله في أجواء عاصفة أبان خلالها عن قدرة هائلة لقراءة واقعية للأحداث وسط اختلاط الأوراق و تضارب المقتربات.. في كتاباته مزيج من الأدب والصحافة فهو الأديب الصحافي والصحافي الأديب يعرض دائما أفكارا مرتبة وفق منهجية علمية كأنه أستاذ للرياضيات مع أسلوب سلس وخيال غني كأنه أستاذ مبرز في الأدب.. سلاحه طيلة هذا المسار سحر الابتسامة وحسن السلوك ووداعة الحوار مما يمنحه قدرة على التواصل ويجعل مجالسته فترة تبادل وسعادة”.
من بين المقالات الطريفة التي تضمنها كتاب “براد المخزن ونخبة السكر” بالإضافة إلى مقال يحمل ذات العنوان، نقرأ: “الفرجة وسوق السياسة”، “الجزائر تأكل الطباشير وبوليساريو تمسح السبورة”، “الموت الاستثنائي للطغاة ملغز يحتاج إلى إخراج مسرحي”، “احتمال نشوب حرب بين المغرب والجزائر لم يعد مستحيلا”، “كوفيد 19 يدفعنا لنتحول جميعا إلى ساردي حكايات لننجو من الموت”، “خلفيات هوس تبون الجزائري بالمغرب”، “وزير حلو في حكومة مُرة”، “معاول الهدم والحنق الأعمى لا تضيف لبنة واحدة للمعمار الديمقراطي”، “أسرار لقاء الحسن الثاني وهواري بومدين الذي لم يكتب له أن يحدث” و”دون كيشوت وطارق بن زياد لن يقيما حفلا للعشاء الأخير”…