(كش بريس/خاص) ـ قالت نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت، فلسطين المحتلة، إن الجريمة المفضوحة للتغطية الإعلامية الصهيونية (المتبناة عالمياً) تصرُّ على لوم الضحايا على جرائم القتلة. وإن المفارقة الكبرى في الادعاء الصهيوني في احتكار دور الضحية يظهر في الإبادة المرتكبة على يد آلته العسكرية التي تنفذ أهداف الصهيونية في إفراغ فلسطين من الفلسطينيين. وعلى الرغم من تراجيدية هذا على الدوام، إلا إن هذه الجرائم هي جزء لا يتجزأ من الصهيونية وليست جديدة، ذلك أنه حتى الآن يتواصل تهجير اللاجئين الفلسطينيين فيما يقف العالم شاهداً وحسب.
وأكد البيان الصادر عن جامعة بير زيت في فلسطين، الذي صدر أمس الخميس، وهو أهم ما صدر بشأن الهجمة الهمجية الابادية على غزة وفلسطين. صلب، غير اعتذاري، ويرسم افق فلسطين النضالي والفدائي، أنه “في ظل السعار العالمي الرسمي والإعلامي المتواطئ مع “الهسباراه” الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، أصدر مجموعة من رؤساء الجامعات الأمريكية بيانات مخزية”.
وأوضح البيان، الذي يحمل عنوان “كلنا فلسطينيون”،
(2023 هي السنة التي سيسجلها التاريخ بوصفها السنة التي وقف فيها المظلومون في فلسطين بشجاعة في وجه الفاشية الاستعمارية وصرخوا دفاعاً عن بيوتهم وإنسانيتهم وحياتهم. لقد احتمل الفلسطينيون كشعب العنف الاستعماري الاستيطاني أكثر من قرن من الزمن. لقد واصلنا الحياة كشعب وسنواصل الحياة. إننا لا نحتاج للحديث عن حقنا في المقاومة، ذلك أنه ليس حقاً بقدر ما هو طريقة وجود وبقاء في فلسطين ومن أجل فلسطين.
إن الصهيونية، ودولة المستوطنين “إسرائيل” ونظامها الاستعماري بأكمله، هي حصيلة هذه الإيديولوجيا الفاشية التي لن تستطيع بعد الآن التخفِّي الكاذب تحت عباءة الإنسانية. في فلسطين، وفي سنة 2023، لا نطالب بحق في الرواية، لأن قدرتنا على الرواية لم تفارق أيدينا أبداً، والمقاومة بكل أشكالها وتمثُّلاتها لا تحتاح إلى مصادقة مسبقة من مدونة القانون الدولي الآسن. فالمظلومون لا يحتاجون احتياز السلطة لشرح مظلمتهم، ذلك أن سيرورة الأحداث في التاريخ، تاريخنا، هي ما تمنحنا هذه السلطة. إننا لا نعتبر أن من واجبنا فضح البربرية الدموية للصهيونية، فأفعالها كدولة عنصرية وجيش متوحش تتولَّى هذه المهمة على أكمل وجه. لكن واجبنا هو تسجيل هذه اللحظة لا بوصفنا ضحاياها، بل بوصفنا الشعب الذي سوف يتذكَّر، ويسجِّل، ويقاوم، ويحيا).
وأضاف ذات البيا، “إن تاريخنا سوف يسرد حكاية هذه الأفعال ليس فقط كسجل لوحشية الاستعمار، بل أيضاً كسجل لصلابة إصرارنا على الحياة والمقاومة. سنبقى متجذرين في أرضنا ومتمسكين بإنسانيتنا كعرب فلسطينيين—ولا حاجة لإثبات إنسانيتنا لمن فقدوا إنسانيتهم.
وعلى الرغم من ذلك، فلربما يكون من المفيد تذكير أنفسنا والآخرين بالجرائم التي اقترفت ولا تزال تقترف بحق فلسطين—الجرائم التي بدأت بالاستدخال العنيف للصهيونية وبالقوة على أرض فلسطين وشعبها. إن هذه القائمة طويلة وليس بالإمكان تلخيصها ببساطة بأي شكل من الأشكال، ولكننا نتوجه لمن اختاروا الوقوف إلى جانب المظلومين، تضامناً مع نضالنا، بأن يبقوا هذه النقاط في أذهانهم عندما يتحدثون عن فكرة الحرية والتحرير، فرؤوسنا وأرواحنا ترتفع اليوم، كما هي دائماً، محمولة على واجبنا حيال دماء شهدائنا وعدالة قضيتنا. وإننا إذ نضع هذه القائمة لندرك أن مصطلحات “جرائم الحرب”، “والإبادة”، “والأبارتهايد”، “والإجرام”، و”اللا-إنسانية” تبدو غير مناسبة مطلقاً وغير كافية لوصف ما اقترفته دولة “إسرائيل” ولا تزال”.
• وأكد ذات المصدر على “إن قوة الاستعمار الإحلالي لا تملك حق الدفاع عن النفس ضد الشعب الرازح تحت احتلالها الوحشي. وليس هناك تكافؤ أخلاقي بين المستعمِر والمستعمَر، على الرغم من محاولات الإعلام الادعاء بخلاف ذلك”؛
• وتابع بالقول :”كما هو دأب جيش الاحتلال “الإسرائيلي” في عملياته، فإنه في حربه على غزة اليوم يستهدف الأحياء بشكل مباشر من خلال القصف الشرس للبيوت، والمستشفيات، ودور الأيتام، والملاعب، والمدارس، والجامعات، والجوامع، والكنائس، والأماكن العامة لغرض القتل المتعمَّد لكل الفلسطينيين الذين يمكن قتلهم، حتى أنه يستهدف الموتى في المقابر. إن قطع واستهداف خطوط وآبار المياه، والكهرباء، وخدمات الطوارئ، وكافة الخدمات الضرورية الأخرى والمنشآت المدنية، هي كلها أعمال تقوم بها قوة إبادة. وقد جعلت منها أكثر صلفاً مفارقةُ الادعاءات الصهيونية عن “طهارة السلاح”. إن هذه “الطهارة” تحيل بشكل واضح إلى أن أسلحتهم “نظيفة” وجاهزة للاستخدام ضد كل الفلسطينيين وفي كل الأوقات”؛
•وأبرز البيان ” إن الوجه السافر للعنصرية الإبادية في الخطاب السياسي “الإسرائيلي”، متمثلة في النداءات الفاضحة لقتل العرب على لسان الساسة الصهاينة على امتداد طيفهم السياسي، هو الفاشية بعينها، ولا يمكن وصفها بغير كونها نداءات لمزيد من العنف الإبادي والفاشية الاستعمارية-الاستيطانية التي عرَّفت تاريخ هذه الإيديولوجيا؛”
• مؤكدا على “إن عنف بناء سجن غزة هو التطبيق الإجرامي لحكم العزل الانفرادي، منذ ستة عشر عاماً، على كامل سكان قطاع غزة من شعبنا الفلسطيني على شكل إغلاق وحصار”؛
• واستطرد بالقول “إن تجريم المقاومة، بما فيه التجريم-الذاتي للحق في المقاومة، يلقى اللوم بسفك دماء المظلومين على المظلومين أنفسهم، في حين يتم التجاهل التام لجرائم الاجتياح والتهجير التي يقترفها النظام الاستعماري الاستيطاني”؛
• مشددا في السياق على “إن جريمة الصمت والتواطؤ التي تستعصي على الفهم من قبل العالم بأكمله، بما في ذلك الأنظمة العربية والإسلامية الممتثلة لإملاءات القوة الأمريكية الظالمة، هي دعم سافر للإبادة، وشهادة بكماء على جرائم المستوطنين”؛
• ومؤكدا “إن الجريمة الأكبر في هذا السياق هي التواطؤ الأمريكي والمشاركة في اقتراف المذبحة الإبادية بحق شعب كامل. إن الاستعماريين الأمريكيين والصهاينة، ومن معهم من الأنظمة العربية المتواطئة، اقترفوا جرائم بحق الشعب الفلسطيني من شأنها أن تعرِّف الفاشية في القرن الحادي والعشرين”؛
•وجاء أيضا في البيان نفسه ” إن الجريمة التاريخية لا تزال مستمرة في التنكُّر الكامل للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني في الوجود، والمقاومة، والعودة، وتقرير المصير”.
وأردف “إننا، نحن الفلسطينيين، نمتلك الحق في الحرية. وهو حق لا نقدِّسه عبر المفردات المستباحة في مدونة القانون الدولي، بل بكرامتنا الإنسانية في قتالنا من أجل الحرية، ذلك أن المقاومة الفلسطينية قد تم تجريمها منذ بداية اجتياح الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين. أما الآن، وقد استخدمت مقاومتنا تكتيكات حرب الغوار، فهل صرنا نحن المجرمين؟ ما الذي يسعى جيش الاحتلال “الإسرائيلي” إلى تحقيقه؟ إنه الجيش الذي لم يتمكن من مواجهة مقاتلي المقاومة الفلسطينية، فأطلق العنان لطائراته الحربية لقصف غزة المحاصرة مستهدفاً لا شي وكل شيء في آن واحد! هل يحاولون، عبثاً، مواصلة حربهم الإبادية التي بدأت منذ وصول الصهاينة إلى أرضنا؟ هل يريدون إكمال محو سنة 1948؟”
كما أضاف “أخذاً بعين الاعتبار ما نعرفه وما نشهده، يجب أن نتحرك ونختار العدالة والحرية والنضال ضد هذا الظلم والانحطاط الاستعماري. كلنا فلسطينيون الآن، ويتوجب علينا جميعاً التحرك فوراً ضد المجرمين الفعليين والصراخ في وجه هذا الوحش وأفعاله البربرية. إن الصهيونية هي مشروع استيطاني إبادي في فلسطين، أسس على أسطورة، وحافظ على نفسه عبر عنف دائم لم يتوقف ضد الشعب الأصلي في فلسطين. ويجب أن تتم رؤيتها والتعامل معها على هذا النحو. وإن الحديث عن الحرية، سياسية كانت أو أكاديمية أو اجتماعية، سيقع على آذان صماء إلا إن تم وسم المجرمين الحقيقيين بوصفهم مجرمين والتعامل معهم بوصفهم مجرمين.
ليس لدينا في فلسطين المحتلة، ولا لدى الفلسطينيين في مختلف أماكن شتاتهم، أي أوهام بشاعرية أحلام انتصار القلم على السيف، لأن السيف نفذ عميقاً في لحمنا الحي على أيدي عدونا المكفول من المجتمع الدولي المنافق وقدر التاريخ الإمبريالي وقدرته على احتكار السيف (الذي يقتل) والقلم (الذي يروي أفعال القتل). لا مناص أمامنا، نحن الأكاديميين والمثقفين في فلسطين المحتلة، من استخدام الكلمات على الرغم مما قد تعكسه الكلمات من اللاجدوى خلال هكذا أزمنة حرجة. ولكننا أيضاً نثق بالروح المعاندة لشعبنا الفلسطيني ومقاومتنا، ونثق بانتصار حريتنا وحقوقنا الثابتة. إننا نعرف ونعلن أننا، في هذا المنعطف التاريخي الحرج والطارئ، سننتصر، وأن العدالة ستنتصر. لسنا ضحاياكم السلبيين، رغم أننا قُتلنا، وشُوِّهنا، وهُجِّرنا على يدي دولة المستوطنين التي تحركها إيديولوجيا الكره الجنوني والعنف الدموي، ولكننا نعلن أنه لن يتم إسكاتنا. فمقاومتنا تنير لنا الطريق للأمام، وسنبقى صامدين، وسننتصر”.