(كش بريس/ خاص) ـ أفادت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرتها الجديدة التي جاءت في سياق اليوم العالمي للمرأة، أن الفوارق بين الجنسين في مجال العمل المأجور، واقع راسخ في سوق الشغل، ما يؤدي إلى تفاقم فجوة الأجور بين الجنسين.
وأكدت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها الذي سلطت من خلاله الضوء على وضعية المرأة في المغرب وعلاقتها بالفوارق المسجلة في الأجور حسب النوع وتأثير دور التمييز بين الجنسين على هذه الوضعية، أن الفوارق في الأجور بين الرجال والنساء تعرف بالفجوة في الأجور بين الجنسين، والتي يتم قياسها من خلال الفرق في متوسط أجورهم ويعبر عنها كنسبة مئوية من أجر المرأة، مشيرة إلى أن هذه الفجوة تعبر عن النسبة التي ينبغي أن يرتفع بها الأجر الإجمالي للنساء ليصبح متساويًا مع أجر الرجال.
وشددت على أن التحليلات الواقعية لسوق العمل تظهر أن هذه الفوارق ترتبط ارتباطا وثيقا بالتسلسل الهرمي للأجور وبمميزات فردية عديدة خاصة مستوى التعليم أو الخبرة المهنية أو الفئة السوسيومهنية أو السن. وبالإضافة إلى هذه المميزات الفردية، هناك عوامل تتعلق بالتمييز الجنسي، حيث تحصل المرأة الأجيرة، في المتوسط، على أجر أقل من أجر الرجل، وذلك بمؤهلات مهنية متساوية.
وأضاف المصدر عينه، أنه في سنة 2019، متلث نسبة النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و60 سنة، 32.2% من مجموع الأجراء في الوسط الحضري، مشيرة إلى أن هذه النسبة تظل أقل من تلك المسجلة لدى الرجال والتي بلغت 67.8%.
وعلى مستوى مؤشر التكافؤ تترجم هذه الفجوة بمقدار 2،1. أي من بين 31 أجيرا، هناك 10 نساء و21 رجلاً. ويتأثر مؤشر التكافؤ في سوق الشغل بشكل كبير بالتقدم في السن حيث بلغ 1،8 بالنسبة للفئة العمرية 18ء29 سنة، و2،4 بالنسبة ل 30 – 44 سنة و2،1 بالنسبة لفئة 45 60 سنة. مشيرة إلى أن التمثيلية الناقصة للمرأة بين المأجورينن تعزى إلى انخفاض مشاركتها في الحياة العملية، بالإضافة إلى كون معدل نشاط النساء أقل بكثير من معدل نشاط الرجال، يعرف هذا المعدل انخفاضا مستمرا على مر السنين، حيث انتقل من 30،4% في سنة 1999 إلى 21،5% سنة 2019، ومعاناة النساء من البطالة طويلة الأمد، 12 شهرا فما فوق، بشكل أكبر من أقرانهن الذكور، وذلك بنسبٍ بلغت 76،3% و63،8% على التوالي، ويرجع ذلك بالأساس إلى انكماش عرض العمل وما يترتب عليه من تفاقم البطالة في المناطق الحضرية.
وعلى مستوى تكوين المأجورين، قالت المندوبية، إنه مايزال محدودا، مبرزة أن أكثر من نصف المأجورين (56،7%) لا يمتلكون أي مستوى تعليمي أو لم يتابعوا التعليم الثانوي. أما حسب الجنس، فتفوق نسبة الرجال (59،2%) نسبة النساء (51،5%) في هذه الفئة من المأجورين. ويُفسَّر هذا المستوى المنخفض من التأهيل بشكل نسبي بتأثير الأجيال والصعوبات التي تواجه إدماج الخريجين الشباب في سوق العمل.
وتابعت نفس الجهة، قائلة، أن النساء الأجيرات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و29 سنة يفُقْن نظرائهن من الرجال من حيث رأس المال التعليمي الذي يصل إلى 11 سنة من الدراسة في المتوسط بالنسبة للنساء مقابل 9،5 سنة بالنسبة للرجال. إلا أن هذا التفاوت يميل إلى التحول لصالح الرجال بالنسبة للأجيال الأكبر سنا.
وفيما يخص طول الخبرة المهنية، يظهر الفرق بين الرجال والنساء تقدما واضحا لصالح الرجال والذي يزداد مع تقدم العمر، حيث أنه في بداية الحياة المهنية، يصل هذا الفارق في المتوسط إلى 0،4 سنة بين المأجورين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، ثم يرتفع ليصل إلى عامين بين أولئك الذين ينتمون للفئة العمرية 30 40 سنة، في حين يصل إلى 2،5 سنة بين المأجورين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 سنة.
أما من حيث التكافؤ، وبالنسبة لنفس المستوى التعليمي، لا يزال المأجورون الذكور يهيمنون على سوق الشغل، إلا أن حصتهم تعرف تراجعا ملحوظا مع تحسن مستوى التعليم. وكمثال على ذلك، فإن مؤشر التكافؤ انتقل من 3،4 لذوي المستوى التعليم الابتدائي إلى 1،5 لذوي المستوى التعليم العالي.
وحسب المندوبية، فإن بلغ متوسط الأجر الشهرين بلغ سنة 2019، 3800 درهم لكل أجير على المستوى الوطني، مع فارق ملحوظ بين المناطق الحضرية والقروية، حيث بلغ على التوالي 4500 درهم و2200 درهم. ويحصل الرجال، في المتوسط، على أجر شهري قدره 3900 درهم، مقابل 3700 درهم للنساء.
أما بالنسبة للأجراء الحضريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة، يبلغ متوسط أجور الرجال 4900 درهم، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 23% مقارنة بمتوسط أجور النساء الذي يبلغ 3900 درهم. ومن حيث وسيط الأجر، المقدر بـ 3400 درهم للرجال مقابل 2800 درهم للنساء، تبلغ هذه الفجوة 20٪ لصالح الرجال.
وخارج هذه الفئة العمرية، تتسع الفجوة في الأجور، مما يظهر تمييزا ضد المرأة. وقد وصلت هذه الفجوة إلى أعلى مستوى لها، بفارق 41،4% بين الأجراء الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 سنة. ورغم انخفاض هذه الفجوة بالنسبة للأجراء الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاما، إلا أنها لا تزال قائمة لصالح الرجال وتبقى عند مستويات مرتفعة، تقترب من المتوسط العام لفجوة الأجور، بغض النظر عن الفئة العمرية.
وحسب المستوى التعليمي، تصل الفجوة في الأجور لصالح الرجال إلى أعلى مستوياتها (42،4%) بين الأجراء دون مستوى تعليمي. إلا أن هذه الفجوة تنخفض إلى 30% بين الأجراء الذين أتموا التعليم الأساسي وتبلغ 37% بين أولئك الذين حصلوا على مستوى تعليمي أعلى. وتصل هذه الفجوة داخل هذه الفئة الأخيرة إلى أعلى مستوى لها في القطاع الخاص بنسبة 82%، مقابل 13% في القطاع العام. بعبارة أخرى، يساهم أجراء القطاع الخاص بنسبة 79% في فجوة الأجور بين الرجال والنساء الحاصلين على تعليم عال.
وأكدت المندوبية على أن الفجوة في الأجور تقتصر على 2،4% في القطاع العام، حيث يبلغ متوسط الأجر 8500 للرجال و8300 للنساء، فيما تبلغ هذه المتوسطات على التوالي 5400 درهم و3800 درهم، أي بفجوة تبلغ 43%، في القطاع الخاص.
وأكدت المندوبية السامية للتخطيط، على أنه يمكن تقسيم فجوة الأجور بين الجنسين إلى عنصرين: الأول يتوافق مع تثمين رأس مال البشري المتعلق بالمستوى التعليمي والتكوين المهني، وهو الفجوة المفسرة، والثاني التمييز الجنسي، بسبب الجزء غير المفسر من هذه الفجوة.
مشددة على أن فجوة الأجور بين الجنسين، المقدرة من نموذج تشكيل الأجور، تبلغ 22%. حيث أن 91% من هذه الفجوة يرجع إلى التمييز بين الجنسين. والباقي، أي ما يعادل9 %، تفسره الاختلافات بين الخصائص الفردية للمرأة والرجل. وينقسم هذا التمييز بين الجنسين بالتساوي تقريبا بين “ميزة الذكور”، التي تمثل 46% من الفجوة في الأجور، و”التقليل من خصائص النساء” الذي يساهم بنسبة تصل إلى 45 %. وهذا يعني إجمالاً أن “تثمين السمات الذكورية” و”تقليل السمات النسائية” في مكان العمل هما عاملان هامان في استمرارية الفجوة في الأجور بين الجنسين.
أما فيما يخص فئة الأجور، فتبرز المندوبية أن التمييز الجنسي أكثر وضوحا في أسفل سلم الأجور. وهو ما يفسر 93% من الفجوة في الأجور بين 60% من الأجراء الأقل أجرا، مع مساهمة قدرها 45،7% ل”ميزة الذكور” و47،3% ل« تقليل السمات النسائية ». وبالمقارنة مع 40% من الأجراء ذوي الأجور المرتفعة، فإن 79% من الفجوة في الأجور بين الجنسين ترجع إلى التمييز بين الجنسين، 25،2% ل”ميزة الذكور” و53،9% ل” تقليل السمات النسائية “.