أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال تقديمه التقرير السنوي، على أن تفشي الرشوة يبقى أحد مظاهر العجز البنيوي الذي يعاني منه المغرب، والذي يتمثل في جودة الحكامة العمومية على المستويين المحلي والمركزي.
مشددا على أنه على الرغم من الإرادة والعزيمة والعديد من النصوص والتدابير والاستراتيجيات المعتمدة، لا يزال المغرب عاجزاً عن إحراز أي تقدم يذكر في هذا الشأن، مشيرا إلى أن أداءه السلبي على مستوى التصنيفات الدولية يبين بعض التراجع في السنوات الأخيرة، مما يستدعي إعادة النظر في المقاربات المتبعة إلى الآن واتخاذ إجراءات أكثر قوة وأكثر حزماً.
ووفق التقرير السنوي لبنك المغرب برسم 2021، الذي رفع إلى الملك محمد السادس، فإن موارد الدولة تتعرض لضغط متزايد جراء الحاجيات المتزايدة للاستجابة للأولويات الاجتماعية؛ مثل إصلاح التعليم والصحة ونظام التقاعد.
وأورد تقرير البنك المركزي، أن نظام التقاعد لا يزال جزئياً وغير مكتمل منذ التعديل المعياري، الذي تم إنجازه سنة 2016 على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد، في حين تشهد التوازنات المالية لبعض الأنظمة تدهوراً سريعاً ومثيراً للقلق.
وأبرز ذات المصدر أن الخزينة تعتمد منذ سنة 2019 على أساليب تمويل جديدة اعتبرت مبتكرة، لكن تداعياتها وعواقبها غير معروفة، تتمثل أساساً في تفويت ممتلكات الدولة للمؤسسات العمومية، وهو ما يستدعي إجراء تقييم دقيق لطريقة التمويل هذه لاتخاذ القرار بشأن جدوى استمراريتها.
وأضاف التقرير أن أهم مصادر موارد ميزانية الدولة هو توسيع القاعدة الضريبية، وهو هدف لا يزال التقدم المحرز في إنجازه بطيئاً ومستعصياً، ذلك أن الإعفاءات المتعددة تحرم الدولة سنوياً من موارد تقارب 2,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، يضيف التقرير، الذي أوضح أن الإبقاء على الإعفاءات الضريبية يجب أن يكون مشروطاً بتقييم التكلفة مقابل الربح الاقتصادي والاجتماعي، وهو شرط أصبح إلزامياً مع دخول القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي حيز التنفيذ.
وتابع البنك أن هناك هوامش مالية يمكن أن تتوفر على مستوى إصلاح القطاع العمومي، الذي يتطلب اهتماماً أكبر بغية تسريع تنزيله بهدف تحسين النجاعة التدبيرية للمقاولات والمؤسسات العمومية، والمساهمة بشكل أفضل في إطار دينامية للاستثمار، مردفا أن محاربة التغير المناخي تستدعي تغييراً جذرياً للنمط المعمول به في إعداد السياسات العمومية على اعتبار أن المغرب يعتبر من البلدان الأكثر هشاشة ويتجه بوتيرة مقلقة نحو عجز حاد في الموارد المائية.
ولم يفت التقرير أن يحذر من أن الوعي بخطورة الوضعية غير كاف على الإطلاق، وهو ما يستدعي اعتماد مقاربة شمولية وصارمة تهدف إلى جعل الاعتبارات المناخية أحد العناصر القارة، التي يجب مراعاتها في بلورة أي سياسة في القطاع العام أو الخاص على حد سواء.