إن أكبر معيقات تنزيل الجهوية الموسعة على التراب الوطني وجود مجالس جماعية خارج السياق العام لما يشهده العالم والمغرب من تحولات عميقة.
ولعل سكوت سلطات الوصاية عن ما يحدث في مجموعة من الجماعات الترابية من اختلالات، هو في حد ذاته مشاركة في إفشال مشروع الجهوية الموسعة والرجوع بالمغرب إلى الخلف، وإعدام سياسة اللامركزية التي تقضي بتخفيف الأعباء عن المركز وفتح باب الديمقراطية المحلية التشاركية، والإنصات إلى الساكنة وتشجيع الاستثمار النافع والمواطن، باعتبار الجماعة المحلية لبنة أساسية لبناء صرح النظام الجهوي كما تريده الدولة المغربية .
لكن أكبر ما يعيق بناء هذا الصرح وجود مجالس محلية تحلق خارج السرب وفي مرمى رصاص سلطات الوصاية، بيد أن بنادق رجال السلطة فارغة على ما يبدو، بعدما أعلن وزير العدل انتهاء موسم القنص، من بين هذه الجماعات الترابية جماعة بوروس بالرحامنة الجنوبية، جماعة تسير بميزانية تقارب 400 مليون سنتيم، أكثر من ثلاث أرباع منها تخصص للموظفين.
جماعة كلها مشاكل بداية من العطش، ومرورا برداءة الطرق والممرات، وصولا إلى تدني الخدمات الاجتماعية وخاصة غياب التعليم الأولي وتذبذب وضع النقل المدرسي …
جماعة يسودها الغموض والتسيير الأحادي وإخفاء المعلومة وطمس الملفات التنموية والحسابات الإدارية. جماعة أطلقت مجموعة من المشاريع العملاقة التي لم تغادر بعد مكتب السيدة الرئيسة… استوديو السينما بولوريوس والمهرجان الدولي فروموريوس والمدينة الرياضية والعديد من الشراكات الاستراتيجية الغامضة …
وفي غمرة هذه المشاريع الكاذبة، وقبل عامين تقريباً أطلق المجلس الجماعي مشروعا جديدا يقضي بجلب بعض الآليات المستعملة من الخارج. حيث تم تكليف جمعية حديثة العهد بالجماعة وتجنيدها لهذا الغرض. ثم منحها أكثر من ربع ميزانية الجماعة. تقدر هذه المنحة حسب مصادر من المجلس ب 109 مليون سنتيم.
هذه الجمعية المغلوبة على أمرها لم تكن سوى وسيط بين الجماعة والجمعية المغربية الأوربية للتضامن. التي أخذت المبلغ وزودت الجماعة بحافلتين وبعض الآليات الأخرى. الى هنا الامور عادية. الغريب هو ما حاجة الجماعة لحافلتين وهي لا تتوفر على الكثافة السكانية اللازمة ولا على طرق معبدة تربط دواويرها المتباعدة ؟ وما جدوى ركن هذه الآليات في الشمس منذ سنتين دون حراك ؟ ولماذا تم تحريك هذه الآليات أثناء الحملة الانتخابية للعام الماضي، ثم عودتها إلى مرابضها ؟.
العديد من الأسئلة الغامضة غموض الجماعة، والتي لا جواب لها سوى العبث بالمال العام والضحك على المواطنين وحرمانهم من أبسط حقوقهم المشروعة.
ومما يزيد هذا الغموض استفحالا جهل المواطنين هناك بكل حيثيات هذه الصفقة. وخاصة الجمعية التي جلبت الآليات . من تكون هذه الجمعية ؟وماذا يربطها بالجماعة ؟ ومن هو رئيسها ؟ وكيف تسلمت المبلغ المالي من الجمعية المحلية؟
أسئلة لا يمكن الإجابة عنها إلا بتحرك الجهات المختصة وخاصة المجلس الجهوي للحسابات والقضاء . وكذا وزارة الداخلية الوصية على الجماعة.
إعداد: محسن منير
عبدالهادي الموسولي.
(الرحامنة الجنوبية)