خص الجنرال الدموي في الجيش الجزائري خالد نزار، أحد صقور الطغمة العسكرية الإستعمارية ببلاد الأمير عبد القادر، (خص) مجلة “جون أفريك” الفرنسية، بنشر مذكراته الحربية ضد المغرب، حيث نشرت المجلة أجزاء منها، تقطر حقدا وكراهية.
وخلال ألسبوع الذي ودعناه، استفردت جون أفريك، بقراءة المذكرات، جاء في أولى مقاطعها التي تضمنها الجزء الثاني من مذكرات الجنرال خالد نزار، قائد أركان الجيش الجزائري و وزير الدفاع الأسبق، تفاصيل ما حصل في اللقاء الذي جمع الرئيس الجزائري الشاذلي بنجديد بالملك الحسن الثاني على الحدود المغربية الجزائرية.
وأشار الجنرال نزار، أن اللقاء كان “خدعة” من قبل الحسن الثاني من أجل مواصلة الجيش المغربي الاستمرار في بناء “الجدار الأمني” في الصحراء، كما يشير نزار أيضا إلى تفاصيل زيارة الحسن الثاني للجزائر في 1991، وكيف ساهمت حرب “العشرية السوداء” في الجزائر وتفجير فندق “أطلس آسني” بمراكش في تأزم العلاقات بين البلدين.
وقال نزار أنه “في فبراير 1979 قرر الحسن الثاني بناء الجدار الرملي (الجدار الأمني) على مسافة 2720 كلم من أجل حماية الحدود المغربية من هجمات البوليساريو، وحاول بالتوازي مع ذلك التقرب من الجزائر التي كانت علاقات المغرب بها مقطوعة منذ 1976، وجرت إعادتها بسبب المساعي الحميدة للسعوديين التي نتج عنها تنظيم اللقاء الشهير بين الحسن الثاني والشاذلي بنجديد لأول مرة في فبراير 1983 بنقطة مشتركة بين الحدود المغربية الجزائرية”.
وحسب خالد نزار الذي كان حينئذ رئيسا للمنطقة العسكرية الجزائرية الثانية الممتدة على طول الحدود بين البلدين الجارين، فإن هذا اللقاء كان “خدعة” من قبل الحسن الثاني ريثما ينتهي من بناء الجدار.
الحسن الثاني كانت له دوافع خفية من وراء مشاركته في هذا اللقاء يقول نزارفي مذكراته ، “الملك لديه كل ما ينقص الشاذلي بنجديد، المعرفة الدقيقة بملف الصحراء، القدرة على ضبط النفس وحفظ الأعصاب، بينما الشاذلي بنجديد لم يكن يعرف ما يضمره الملك في سياسته بالصحراء”.
وكشف أنه أرسل هو ومحمد التواتي رئيس المنطقة الثالثة في الجيش الجزائري مذكرة إلى الرئيس الشاذلي لكي يأخذ الحيطة والحذر من هذا الانفتاح المفاجئ للمغرب اتجاه الجزائر، واقترحا على الشاذلي أي (نزار والتواتي) اتخاذ تدابير لمنع بناء الجدار، مثل استنفار القوات الآلية للجيش الجزائري، ونشر طائرات الهيلوكوبتير وطائرات “الميغ” لحماية المجال الجوي الجزائري وفتح المجال أمامها للتدخل عندما تقوم القوات المغربية بملاحقة مقاتلي جبهة البوليساريو داخل الأراضي الجزائرية ردا على هجماتها داخل الأراضي المغربية.
ويشرح نزار، أنه في اجتماع مع القيادة العسكرية الجزائرية في “كلومب بشار” وافق بنجديد على هذه التدابير لكنه لم يطبقها، ويفسر نزار الموضوع بكون الشاذلي بنجديد كان يخشى من أن تؤدي هذه التدابير إلى حرب شاملة بين البلدين خاصة أن السياق الدولي غير مواتي لمثل هذا تصعيد.
وأوضح خالد نزار في مذكراته، أنه في الزيارة التي قام بها الملك الحسن الثاني للجزائر في 1991 بدعوة من الرئيس الجزائري، وخلال حفل عشاء أقيم على شرفه بمدينة وهران الجزائرية، تبادل الملك مع ووزير الدفاع الحديث في موضوع العلاقات بين البلدين، وأطلعه على وجهة نظر جنرالات الجزائر للعلاقات بين البلدين.
وقال وزير الدفاع الجزائري آنذاك للحسن الثاني أن المؤسسة العسكرية في الجزائر تتمنى أن تحل المشاكل بين البلدين بطريقة سلمية، وتأمل أن يكون هناك تعاون مشترك بينها وبين الجيش المغربي.
ويضيف نزار أنه، وبوصفه، وزير دفاع الجزائر أخبر الحسن الثاني أن “سر نجاح الاتحاد المغاربي، يكمن في أن تكون اقتصاديات البلدين وقواتهما العسكرية هي أساس ومحرك هذا الاتحاد، وكان رد الحسن الثاني بالشكل التالي “إذا كانت هذه هي وجهة نظركم حول قيام الاتحاد المغربي، بإمكانكم من الغد إرسال كتيبة عسكرية جزائرية لتستقر في الرباط”.
ويقول نزار أنه أدرك حينها أن العاهل المغربي له معرفة قوية بالسياسة الجزائرية، وبعد انتهاء العشاء أمر الشاذلي بنجديد خالد نزار بمرافقة الملك لزيارة القاعدة البحرية الجزائرية في “مرس الكبير” بوهران، و يشير نزار في مذكراته أن طلب بنجديد كان محرجا له.
وتساءل مع نفسه “كيف يمكن لرئيس هيئة أركان الجيش الجزائري أن يتحول إلى مرافق للملك في حين أن الدبابات الجزائرية كانت على أهبة الحرب والوحدات العسكرية الجزائرية مستنفرة”، متسائلا “كيف يمكن أيضا أن نكشف للمسؤولين المغاربة أسرار أهم قاعدة بحرية في الجزائر”.
و،يشير نزار أنه أنقد الوضع بعد أن استقل الطائرة صوب العاصمة الجزائر، وإدعاء أن هناك أمرا مستعجلا يلزمه تسويته، وفي اليوم الموالي، يقول نزار زاره في مكتبه بالعاصمة الجزائرية الوزير المنتدب في وزارة الدفاع المغربية، وقائد الدرك الملكي والمدير العام للأمن الوطني المغربي، وانتهى اللقاء بأن قدم له المسؤولون المغاربة دعوة ملكية لزيارة المغرب، لم يقم في نهاية المطاف بتلبيتها.
ويشرح نزار انه لم يشأ تلبية دعوة الحسن الثاني لسبب بسيط، ففي 1993 وعندما كانت الجزائر تعاني من حرب أهلية طاحنة عرفت بـ “العشرية السوداء” كان عبد الحق العيايدة رئيس ومؤسس “الجماعة الإسلامية المسلحة” المعروفة اختصارا ” G I A ” ، قد دخل إلى المغرب بهوية مزورة عبر مدينة وجدة وعلى إثر ذلك قام نزار بالاتصال بادريس البصري وزير الداخلية آنئذ لمناقشة الوضع الأمني بين البلدين دون انه يخبره بقضية عبد الحق العيايدة.
وتابع نزار كلامه بالقول “ذهب الجنرال الجزائري اسماعيل العماري الرجل الثاني في الجيش الجزائري للمغرب وطلب إلقاء القبض على العيايدة وتسليمه للسلطات الجزائرية”.
وهنا يشير خالد نزار أن “المغاربة لم يستجيبوا للطلب الجزائري، فقد اشترط الحسن الثاني أن يزوره الجنرال خالد نزار رئيس الأركان الجزائرية بنفسه في الرباط، وفعلا يقول نزار هذا ما تم، واستمر اللقاء بيني وبين الملك حوالي ساعتين، توجه خلالها الحسن الثاني إلي بالقول (هل تعلم أننا حجزنا مخزونا من الأسلحة على الحدود)”.
وهنا يوضح نزار :”اقتنعت أن الأجهزة الأمنية المغربية ضللت الملك، لأن مخزون الأسلحة الذي تحدث عنه الملك، اسماعيل العماري هو من أخبر المسؤولين المغاربة به خلال زيارته للمغرب”.
فيما بعد ستنجح السلطات الجزائرية يضيف نزار، في تسلم عبد الحق العيايدة وسيحكم عليه بالإعدام قبل أن يتمتع بعفو رئاسي وهو الآن يعيش حرا في أحد ضواحي الجزائر العاصمة، لكن تنقله آنئذ بين المغرب والجزائر سبب أضرارا كبيرة للعلاقات بين البلدين، خاصة أن مخزون الأسلحة الذي كان بحوزته هو الذي استخدم في هجوم فندق “أطلس آسني” بمراكش في 1994، وما تلاه من فرض المغرب التأشيرة على الجزائريين ورد الجزائر بغلق الحدود.