قال بيان للمكتب التنفيذي لـ”حركة ضمير”، إنه تدارس الأوضاع المغربية على ضوء المستجدات الأخيرة التي طبعت نهاية سنة 2022، ووقف عند العديد من القضايا التي يعتبرها أساسية في تقوية التجربة الديمقراطية المغربية وتدارك أشكال الخلل التي تؤدي إلى تكرار أخطاء الماضي”.
وفي بداية بيان “ضمير” هنأ المكتب التنفيذي “الفريق الوطني المغربي لكرة القدم على انتصاراته غير المسبوقة في منافسات كأس العالم 2022 المقامة بقطر، وعلى أدائه الرياضي المثابر الذي طبعته روح وطنية قوية أيقظت لدى الجمهور المغربي الكثير من مشاعر الوطنية الصادقة التي ترى الحركة ضرورة رسملتها واستثمارها في الاتجاه الإيجابي، عبر تحويلها إلى طاقة للتضامن والفعل والإنتاج، وهي طاقة من شأنها أن تنعكس إيجابا على الأوضاع العامة لبلدنا، في حالة ما إذا تم إرفاقها بسياسة تنموية رشيدة في كل القطاعات، وبنهج تشاركي مع كل الأطراف الوطنية الفاعلة والحية”.
وعبرت “حركة ضمير”، في ذات البيان، عن “استيائها من استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية، بما فيها المواد الغذائية والمحروقات، مما خلق جوا من الاستياء والتذمر العام”، داعية “الحكومة إلى مراعاة أوضاع الفئات الاجتماعية الهشة التي صارت من ضمنها الطبقة الوسطى نفسها، حيث تم تفقيرها من خلال السياسات المعتمدة”.
كما عبرت الحركة عن “أن تسوية التوازنات الميزانياتية والمالية للحكومة على حساب المواطنين هو الخيار السهل الذي ينبئ عن عدم اكتراث الحكومة بمعاناة أغلبية المغاربة، وعن عدم قدرتها على ابتكار حلول جديدة لضمان أوضاع أفضل لهم”.
وأعرب المصدر عن أسف الحركة “لأن قانون المالية 2023 يعدّ فرصة أخرى ضائعة أمام الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي طال انتظارها والتي أحدثها نموذج التنمية الجديد الذي ظل مغيبا في برنامجها. حيث يؤكد قانون المالية المذكور للأسف، الخيارات الجائرة وغير العادلة التي ترفض بعناد تفكيك اقتصاد الريع، ومحاربة تضارب المصالح والفساد والتهرب الضريبي، كما ترفض الشروع دون مزيد من التأخير في الإصلاحات الكبرى التي تحتاجها بلادنا بشدة والتي هي: الإصلاح الضريبي، وإصلاح المؤسسات العامة، إصلاح القطاع المصرفي، إصلاح وضع بنك المغرب، إصلاح السياسة النقدية، إصلاح الإعلام السمعي البصري، إصلاح التعليم، وإصلاح السياسة الثقافية لجعل الثقافة رافعة حقيقية لتنمية المجتمع والنهوض العام بأوضاعه”.
وأدانت حركة ضمير بشدة وبأسف الأحكام الضريبية الواردة في قانون المالية 2023، والتي تقوض مبادئ العدالة الضريبية وتضخم الامتيازات الممنوحة للشركات الكبرى والطبقات الغنية، على حساب الطبقات الوسطى والصغرى والشركات الصغرى والمتوسطة والتي تشهد ضغوطا ضريبية تزداد سوءًا بشكل كبير مما يهدد بإفلاسها.
وحول فضيحة المحروقات ومصفاة “سمير”، استنكرت حركة ضمير بشدة الموقف السلبي من قبل الحكومة فيما يتعلق بمصفاة “سمير” للنفط، حيث تمتنع السلطة التنفيذية عن البتّ في المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة في إفلاس جوهرة الصناعة الوطنية هذه، والتي يقع بعضها داخل جهاز الدولة نفسه، حيث ترفض الحكومة التعاون مع النظام القانوني من أجل تسهيل استئناف نشاط هذه المصفاة من قبل مجموعة من المستثمرين الصناعيين والمؤسسات.
كما ترفض “حركة ضمير”، يضيف نفس البيان، كل المحاولات الخبيثة لبعثرة وإتلاف تراث مصفاة “سمير”، لا سيما من خلال تأجير صناديق التخزين الخاصة بها لمشغلين من القطاع الخاص، وإذ تستنكر “حركة ضمير” هذه الممارسات التي لا تحترم الشفافية والمنافسة من خلال إجراءات المناقصات العامة، تؤكد على أنه لا يمكن النظر في تأجير صناديق التخزين هذه إلا بشكل مؤقت ريثما يتم استئناف نشاط التكرير ولصالح الدولة التي يمثلها المكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم وحده.
وأعربت “حركة ضمير” عن استيائها من التسويف الذي أبداه مجلس المنافسة في التعامل مع ملف التقاضي بشأن الشك في وجود اتفاقات أسعار غير مشروعة لصالح بعض العاملين في مجال المحروقات، وفي الوقت نفسه تأسف للاختلالات العديدة في النصين التشريعيين اللذين تم اعتمادهما مؤخرًا ليشكلا قانون المنافسة المغربي الجديد، وتدعو إلى تغيير أعضاء مجلس المنافسة قبل أن تحكم هذه الهيئة الدستورية بشكل نهائي في ملف التقاضي المشار إليه، حيث يجب أن يسمح هذا التغيير بتعيين شخصيات وطنية داخل المجلس المذكور، لا جدال في استقلاليتها ونزاهتها وكفاءتها.
وفيما يتعلق بالمؤسسات الدستورية والحكامة، قالت الحركة إنها “ترحب بتعيين أعضاء بعض الهيئات الدستورية للحكامة الرشيدة مؤخرًا، حيث يُعد ذلك خطوة أساسية لفاعلية هذه الهيئات وللتنفيذ الكامل لأحكام دستور 2011”. مستدركة، أنها “تأسف لافتقار هذه العملية إلى الشفافية في معايير اختيار المرشحين لهذه الوظائف، حيث يلاحظ باستغراب تعيين بعض الأشخاص الذين سبق أن وُجهت لهم تهم تمس بمصداقيتهم في حياتهم المهنية أو ماضيهم السياسي، مما يجعلهم غير مؤهلين ليكونوا أعضاء في تلك الهيئات”.
في الحقل السياسي الوطني، كشفت”حركة ضمير”، قالت “ضمير” إنها تراقب بذهول درجة انهيار الحوار السياسي الوطني وتراجع النقاش العمومي، وتدين بقوة العمليات اللامشروعة التي تتغاضى عنها الحكومة فيما يتعلق بالتزاماتها الانتخابية، وتؤكد على أن مثل هذا السلوك سيؤدي حتما إلى مزيد من إضعاف الأحزاب السياسية ومن تفاقم مناخ عدم ثقة المواطنين تجاهها، كما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تفكيك الديمقراطية التمثيلية في المغرب.
ودعت حركة ضمير، في ذات السياق، كافة التشكيلات السياسية الديمقراطية إلى القيام بقفزة وطنية إلى الأمام لإضفاء المصداقية المطلوبة على العمل السياسي، وذلك عبر تفعيل الأدوار الرئيسية للأحزاب سواء في تأطير المجتمع أو لعب دور القوة الاقتراحية المبادرة في بلورة الأفكار والمفاهيم السياسية الجديدة التي تساهم في تطوير التجربة الديمقراطية المغربية والخروج بها من الضائقة الحالية، ويتطلب هذا المسار تمرينًا جماعيًا في ابتكار نموذج سياسي جديد، بأحزاب سياسية مستقلة تمامًا في قرارها الحزبي الداخلي، وبقادة سياسيين متصفين بالنزاهة والكفاءة المعترف بها، ومتفانين في خدمة المصلحة العليا للبلاد، وعاملين من أجل إصلاح قواعد المنافسة السياسية والانتخابية بشكل كامل: الديمقراطية الحزبية الداخلية، عدم تراكم التفويضات، الشفافية المالية، تحديد سقف نفقات الحملة الانتخابية، ومراجعة نمط الاقتراع.
وأعلنت الحركة، فيما يخص مراجعة مدونة الأسرة، عن “مساندتها المبدئية لنضالية الحركة النسائية وترافعها من أجل مراجعة جذرية عميقة لمدونة الأسرة، تمكن من تدارك ثغرات النص التي تم رصدها خلال العقدين السابقين، وتغيير منطقه الداخلي وتخليصه من ترسبات الفقه التراثي القديم، من أجل مطابقته التامة مع مضمون الفصل 19 من الدستور المغربي، ومع المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي يعتبرها الدستور أسمى من التشريعات الوطنية وكلا غير قابل للتجزيء”. رافضة “التعامل مع نص المدونة بمقاربة ترقيعية سطحية تؤدي إلى الإبقاء على المظالم الحالية في حق المرأة والطفل المغربيين، وذلك من أجل جعل مدونة الأسرة نصا منسجما وقويا يضمن المساواة بين الجنسين والمصلحة الفضلى للأطفال”.
ومن تمّ تعتبر الحركة، يتابع البيان، أنه قد آن الأوان لإحداث الخطوة الحاسمة بمنع تعدد الزوجات ووضع حدّ نهائي لتزويج القاصرات وإقرار ولاية المرأة على أطفالها ورفع الالتباس عن حق المرأة في اقتسام الأموال المكتسبة، وإقرار المساواة في الإرث، وذلك في إطار الملائمة مع مقتضيات الدستور ومع اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضدّ المرأة واتفاقية حقوق الطفل.
وأبرزت الحركة أن إعادة النظر في القانون الجنائي المغربي ومراجعته مراجعة شاملة بات حاجة أساسية ملحة بسبب عدم مطابقته للواقع المغربي، وللالتزامات التي ما فتئت تعلنها الدولة المغربية في مجال الحريات، حيث تعود الكثير من فقرات هذا القانون إلى بداية استقلال المغرب، مما يجعلها اليوم بعيدة عن أن تواكب نظم العلاقات والقيم السائدة في المجتمع المغربي، وبهذا الصدد تندد الحركة باستمرار تضييق السلطات على الحريات الفردية التي تدخل ضمن اختيارات الحياة الخاصة للأفراد، ومن ذلك اعتقال ومحاكمة شباب بسبب آرائهم في الأديان، واعتقال آخرين بسبب العلاقات الجنسية الرضائية خارج الزواج، واضطهاد مدونين بسبب آرائهم السياسية، ومواطنين بسبب الأكل في رمضان رغم عدم مساسهم بحريات الآخرين في ممارسة شعائرهم، أو بسبب الإجهاض، وتعتبر ذلك كله منافيا لما ينصّ عليه الدستور من ضرورة احترام السلطة للحريات الفردية والجماعية.
ودعت الحركة إلى إلغاء جميع فصول القانون الجنائي المجرمة للحريات الفردية، وخاصة منها الفصول 220 و222 و489 و490.
واعتبرت “ضمير” أن “ترسيم اللغة الأمازيغية يُعد قرارا وطنيا حكيما يقوي اللحمة الوطنية ويؤسس منظورا متكاملا للهوية الوطنية الجامعة، ويضع حدا للميز الثقافي واللغوي ضد المكون الأمازيغي”، مردفة، أنها “رصدت نوعا من التماطل والتسويف وهدر الزمن من طرف الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011، في تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في كل قطاعات الدولة”، لافتة “انتباه المسؤولين إلى أن صدور القانون التنظيمي الخاص بذلك التفعيل منذ فاتح أكتوبر 2019، مع استمرار التراجعات في تعليم الأمازيغية وإدراجها في الإعلام العمومي والقضاء والإدارة يخالف التزامات الدولة وتعهداتها، كما يتعارض مع إعلان الحكومة عن تخصيص ميزانية للأمازيغية لم يظهر بعد أي أثر لها في الأوراش الرئيسية للتفعيل”.