يكتبها: د محمد فخر الدين
8 ـ إبعاد سيف وشامة
بعد شفائه من جروحه سار سيف بن ذي يزن إلى أن وصل إلى جبلين أحدهما أبيض و الآخر أحمر ، ورأى قصرا عاليا علق بأكتاف الغمام وبينهما بحر عجاج متلاطم الأمواج، فلما وصل إلى الحصن نادى أهل المكان فسمع صوتا يجيبه:
ـ أهلا بسيف بن ذي يزن ..
وأخبره صاحب الصوت أنه الحكيم أخميم و أنه ينتظره من زمان، وتيقن من أنه صاحب الودائع المعلومة والكنوز الموسومة ..
ثم طلب منه الدخول إلى قبر سام وأن يأخذ الذخائر دون أن ينظر إلى وجه الميت ، ودخل سيف وحصل على لوح من الذهب الأحمر وله سلسلة من الفضة هو ـ لوح المارد عيروض ـ ثم حصل على السيف المطلسم ..
لكنه لم يلتزم بنصيحة أخميم فرفع اللثام عن وجه الميت فهاج القصر من كل الجهات وأخذه الخدام ، ورموا به خارج القصر فبقي مغشيا عليه، ولم يستطع الخلاص لثقله فسقط في البحر وجذبته المياه إلى جزيرة غريبة، كثيرة الأشجار ، عجيبة الثمار ، فاختبأ في شجرة كثيفة الأوراق ، فرأى وهو في ذلك المكان أن هناك من يبحث عنه ويعلم بأمره ..
ووجد فارسا ملثما ، أخبره أنه الجيزة بنت أخميم، ولما علم أن لوح عيروض عندها فرح غاية الفرح ..
وأعدت الجيزة الطعام وطلبت من سيف أن يأكل وحده، فقال سيف : إن الزاد لا يحلو عندنا إلا بالجماعة .
ولما علمت بزواج سيف من غيرها غضبت غضبا شديدا ما عليه من مزيد ، وأرادت قتله بالسيف في الحال ، لكن أخميم أنقذه..
ثم استرجع سيف اللوح السحري من الجيزة بنت أخيم وهي غارقة في المنام ، مستسلمة للأحلام ، ومعك اللوح وطلب من عيروض خادم اللوح أن يحمله إلى حمراء اليمن، فطار به عيروض وأوصله في الحال ولم يتركه يكمل السؤال..
وعند وصوله إلى المدينة طلب من عيروض إخباره عن ما يقع في المدينة من زينة ، فأخبره أنه عرس أرعد وشامة ..
فلما سمع سيف بن ذي يزن ذلك صار الضياء في عينه ظلام ، فسأله أن يحمله ويحطه في خيمة العروس، فلما دخل الخيمة سمع بكاء شامة ، وأخبرته أن أباها أفراح قبل هذا الزواج مرغما خوفا من سيف أرعد..
فلما علم سيف أرعد بوجوده أمر رجاله أن يحتاطوا بخيمة العروس بكل جانب، وأن يسقوا سيف ماء المعاطب، وإذا الدنيا أظلمت وتهاطلت الأحجار كوابل من الأمطار وأسدل النهار ..
وكان الذي فعل تلك الفعال عيروض الذي أنقذ سيف وشامة ونقلهما إلى جبل آمن ..
أما ما كان من سيف أرعد فقد سجن سعدون الزنجي وإلى أن دبر الوزير بحرقفقان حيلة لخلاصه …
وبعد ذلك طلب سيف بن ذي يزن من عيروض أن ينقله إلى حمراء اليمن للقاء أمه ، فتقدمت إليه وبكت وخادعته بالأقوال ، فرق قلبه لها وأخبرها بالذخائر التي حصلها فزاد حنقها عليه..
وتزوج سيف من شامة بحضور أبيها أفراح ، وأظهرت أمه قمرية الفرح والسرور والانشراح ..
ثم طلبت منه أن تحفظ له اللوح حتى يتطهر، وبعد ذلك دخلت قمرية إلى مقصورتها ومعكت اللوح وطلبت من عيروض خادم اللوح أن يرمي ولدها سيف إلى وادي الغيلان ويرمي شامة إلى وادي الطودان وهذا ما كان..
ـ الصورة من الأرشيف ـ