
“من يناضل منكم، فليذهب إلى أبعد الحدود، وليتحمل مسؤوليته الفردية، ولا يسكتنا ويديها فراسو (غير مايلعبش دور الضحية) ..”
” يشير إريك فروم في كتابه “الهروب من الحرية” إلى أن الإنسان الحديث، بعد تحرره من قيود السلطات الخارجية، وجد نفسه في حالة من العزلة والشك. وللهروب من عبء الحرية التي تحمل مسؤوليات كبيرة، يبحث عن ملاذ في الخضوع لأشكال جديدة من السلطة، أو في التماهي التلقائي الذي يجعله مشابهًا لملايين الآخرين، حتى لا يشعر بفرادته” .1.
هذا المقطع يُبرز كيف أن الحرية، بعيدًا عن كونها نعمة فقط، يمكن أن تكون مصدرًا للقلق، مما يدفع بعض الأفراد إلى البحث عن آليات هروب مثل الخضوع أو التماهي مع الجماعة. يتساءل إريك فروم كيف أن الأفراد، عند مواجهتهم لعبء الحرية والمسؤولية، قد يلجؤون إلى آليات دفاعية للهروب من هذه الحرية.
من أبرز هذه الآليات: الخضوع للسلطة: حيث يبحث الأفراد عن الأمان من خلال الانصياع لقوى خارجية قوية، مما يمنحهم شعورًا بالانتماء ويخفف من قلقهم الوجودي ( ما كايخرج من الجماعة غير الشيطان)؛ الامتثال التلقائي: حيث يتبنى الفرد سلوكيات ومعتقدات المجتمع المحيط به دون تفكير نقدي، ليصبح نسخة مطابقة للآخرين، مما يخفف من شعوره بالوحدة والاختلاف (دير راسك بين الريوس وعيط يا قطاع الريوس. هذه الآليات تمثل طرقًا للهروب من الحرية والمسؤولية المصاحبة لها، حيث يفضل الأفراد التضحية بجوانب من حريتهم الشخصية لتجنب القلق الناتج عن الاستقلالية التامة. ويبقى السؤال:” لماذا يتباكى هؤلاء ويقدمون أنفسهم كضحايا؟ ضحايا الرأي؟ ضحايا العنفوالتمييز؟ ضحايا الاقصاء؟” …
رأي: يختار الفرد بشكل واعٍ أو غير واعٍ دور الضحية كآلية دفاعية للهروب من مواجهة الذات وتحديات الحياة. من منظور فلسفي، يعكس هذا السلوك نوعًا من الاستقالة الوجودية، حيث يفضّل الإنسان العيش في إطار الشكوى والشفقة بدلًا من تحمل المسؤولية عن حياته. إنه صراع بين الحرية الفردية والهروب من الحرية، كما وصفه الفيلسوف إريك فروم، حيث يختار الشخص الطريق الأسهل للبحث عن العطف بدلًا من الطريق الأصعب للنمو والتحرر الذاتي.
.1. فروم، إريك. الهروب من الحرية. (1941) . ترجمة محمود منقذ الهاشمي، الهيئة العامة السورية للكتاب، 2009، صفحة 141.