عقد مجلس الأمن الدولي لدى الأمم المتحدة اجتماعه النصف سنوي، كما هو المعتاد في كل عام، والمتعلق بمناقشة تداعيات ومخرجات قضية الصحراء المغربية، وما خرجت به إحاطات المبعوث الأممي الجديد، وعمل بعثة المينورسو على أرض الواقع في ظل التطورات السياسية والأوضاع الميدانية والأمنية التي شهدتها منطقة الصحراء المغربية في الآونة الأخيرة.
استمع أعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسته المغلقة يوم الأربعاء بخصوص ملف الصحراء إلى نتائج الجولة الأولى للسيد دي ميستورا في المنطقة ولقائه مع جميع الجهات ذات الصلة بالنزاع، كما تم الإحاطة بالعمل الميداني للمينورسو في ظل الجهود المبذولة لتحقيق الحوار وتقريب وجهات النظر بهدف الوصول لمقترح عقد جلسات تفاوضية مباشرة بين طرفي النزاع من أجل حسم ملف الصحراء بشكل نهائي.
وعليه، فإن دواعي الزيارة المرتقبة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد دي ميستورا، والتي تم الإعلان عنها، إلى الصحراء المغربية ستأتي على شكل جولة إقليمية جديدة غايتها هو الدفع بالعملية السياسية لملف الصحراء نحو عقد موائد مستديرة مع جميع الأطراف المعنية (المغرب، الجزائر، موريتانيا والبوليساريو) لتكريس مفهوم التسوية السلمية لحل هذا النزاع تحت الرعاية الأممية.
وفي نفس السياق، جاءت جلسة مجلس الأمن الدولي الآنفة الذكر في إطار التأكيد على تعدد المواقف الدولية الداعمة لمبادرة مقترح الحكم الذاتي لنزاع الصحراء من دول عدة لها وزنها السياسي والإقليمي والدولي، كان آخرها هو الاعتراف التاريخي لإسبانيا بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي والذي اتسم بالواقعية والمصداقية لحل هذا الصراع الإقليمي الذي دام أكثر من ٤٠ عاما.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، يواصل مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية سنة 2007، طريقه نحو حصد المزيد من الاعترافات الدولية الداعمة لقضيته الوحدوية، فبعد قرار ألمانيا المؤيد للمبادرة المغربية والقرار الفرنسي وحتى القرار الإسباني الأخير الذي يعد انتصارا سياسيا كبيرا، خاصة أن الاعتراف الأميركي بالسيادة الكاملة للمغرب على جميع أقاليمه الجنوبية ودعم واشنطن للحكم الذاتي كإطار قانوني وحيد ذو مصداقية لحل هذا النزاع المفتعل، من شأنه أن يشجع مزيدا من الدول على المضي قدما نحو تأييد الطرح المغربي.
ويمكن القول أن القرارات السيادية والظرفية الدولية التي أيدت دعمها للطرح المغربي الواقعي وذلك من خلال افتتاح مجموعة من التمثيليات الدبلوماسية بما فيها 25 قنصلية عامةً تابعة للدول الإفريقية والعربية وأيضا دول أمريكا اللاتينية بكل من مدينتي العيون والداخلة، كان له الأثر الكبير في تكريس التفوق الدبلوماسي المغربي من أجل إقناع المنتدى الدولي بمدى التزامه بقرارات الأمم المتحدة لحل قضيته الوحدوية ألا وهي الصحراء المغربية.
وختاما، سيبقى تمسك النهج الأممي لمجلس الأمن الدولي بمبدأ الواقعية والمصداقية الذي طرحه المغرب لتسوية قضيته الوطنية والوحدوية بمعزل عن الموقف الجزائري الغائب عن أي انخراط جدي وعقلاني في تسوية قضية الصحراء المغربية في ظل كافة الجهود المبذولة والمساعي الدولية الرامية لحل هذا النزاع عبر المسارات الدبلوماسية ووفق المبادرة المغربية.