1 ـ مَفاتيحُ المعرفَة أولاً قَبل العُبور إلى التأويل:
كأنه لا يَفصِلُ الناسَ عن العُبورِ إلى الحَداثة والعَصرِ إلاّ التأويلُ والتحويلُ، لا غير، ولا على المُؤول وهو يُعالج إشكالاتِ التأويل والتحويل إن كان يحملُ الشرطَ… فكثير من الكتاب والباحثين تُعوِزُه أدواتُ العُبورِ إلى النّصوص المَقروءَة فيحوّلُها ويؤوِّلُها من غير أن يمتلك عُدّةً ولا عَتاداً، فَلا يُعْنَى هذا “القارئُ”، بالأدواتِ التي تُمكِّنُه من صحّةِ القراءَة وسَلامةِ الفَهم، والقُدرةِ على فكِّ الرموز اللغوية والبلاغية والآلية، يَحسبُ مؤوّلةُ عَصرِنا ومُحوِّلَتُه أنّ القراءةَ نزهةٌ والتأويل مطية لركوب المعالي، ما أكثر ما تجد من إطنابٍ في الإنشاءِ، و كثرةٍ في المَزالِقِ النحوية والصرفية والصوتية والإملائية والتعبيرية والإحالية والتصورية والمعرفية… في كتابات كُتابٍ.
2 ـ العَذابُ لباسٌ، والابتلاءُ تهوينٌ:
“وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” (البقرة: 155-157) [بشيء من الخَوف والجوع] عَدَلَ عن ابتلائهم بالخوف والجوع إلى شيء منه فقط، وكلمة “شَيْء” فيها تهوينٌ للخبر المفجع، وإشارة إلى الفرق بين هذا الابتلاء وبين الجوع والخوف اللذين سلطهما الله على بعض الأمم عقوبة، كما في قوله: “فأذاقَها الله لباسَ الجوع والخوف بما كانوا يصنعون” [النحل: 112] ولذلك جاءَ هنا بكلمة (شيءٍ) تَهويناً، وجاء هنالكَ بما يدل على الملابسة والتمكن، فاستعار لها اللباس الملازم للاَّبس، أما ههنا فشيء اسم جنس للتهوين والتقليل والتحقير.ومن ذلك قولُه تعالى في تَهوين كراهية أحد الزوجَيْن للآخَر: «فإن كَرهتُموهُنّ فَعَسى أن تَكرهوا شيئاً ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً»وقد جاء ههنا بعَسى لإفادة المقاربة المَجازية أو الترجّي. وجاء ب”شيء” توهيناً لما ظاهرُه علة الكراهية؛ إذ قد تكره النفوس ما في عاقبته خير، كما في قوله تعالى في آية أخرى: “وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم” [البقرة: 216].وفي مقابل ذلكَ؛ قد يستهينُ المرءُ بما هو عند الله عظيم؛ نحو قوله تعالى: «إذْ تَلقَّونَه بألسنتكم وتَقولونَ بأفواهكم ما ليسَ لكُم به علمٌ. وتحسبونَه هيناً وهو عند الله عظيم»، وسياق حَديث الآية الإنكارُ على مَن حَسِبَ قذفَ الأعراضِ أمراً هيّناً واستخفُّوا الغِيبَةَ والطعنَ في الناس.ويُقاسُ عليه استهانةُ الناسِ بالمحرَّماتِ والمَنهياتِ، وذلك عند الله أمرٌ عَظيمٌ.
3 ـ من وَسائل أمن اللَّبْس في العربيّة :
الأدواتُ الفارقَة:مَعْنى الحرف الفارِق، أو الأداة الفارقَة ؟الأداةُ الفارقةُ: التي يُؤتَى بها للفَرقِ بينَ مَعْنيين تَحتَملُهُما أداةٌ أخرى في العبارَة نفْسِها، وذلك لرفعِ اللَّبْس:- كاللاّم الفارقة، كما في قوله تعالى: «وإنْ كلُّ ذلكَ لَمَا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا، وقولكَ: إنْ زَيدٌ لَقائمٌ، وتلزم هذه اللاّمُ الفارقةُ الجملةَ المُصدَّرَةَ بإن المُخفَّفة. – والهاء الفارقة وهي هاء التأنيث، وهي الفارقة بين المُذكّر والمؤنّث .- والألف الفارقة بين الفعل الذي إسند إلى واو الجماعة-كتبوا-، والفعل المعتل الواوي: يدنو، – والواو الفارقة كما في أولئك، زيدت لئلا تلتبس بإليك…- والواوُ الفارقَةُ، في عَمْرو، وهي التي زيدَت ليُفرَقَ بينَ عَمْرو وبينَ عُمَرَ؛ إذ لَولاها لالتبسَ الأوّلُ بالثّاني- وقَد تُعدُّ الباءُ فارقةً، على مذهَب الكوفيين، في نحو قولِه تعالى: أسمِعْ بهم وأبصِرْ، وتُسمّى زائدةً أيضاً.
4 ـ القراءة والتلقي والاستقبال والإدراك والأخذ والالتقاط ….والتوقع والانتظار والتطلع والتشوف والتأمل ….ما مدى معالجة الإبداع الأدبي خاصة، لهذه المفاهيم، ما الإضافات التي حملتها هذه المفاهيم في الميدان النقدي. هل استطاعت المفاهيم النقدية المذكورة أن تتجاوز مفاهيم النقد والبلاغة السابقين. ما الوجه الإجرائي والطابع التطبيقي لهذه المفاهيم النظرية الغارقة في التجريد والكلية.هل تعد هذه المفاهيم النظرية وما يمكن أن تَحملَه من بُعد تطبيقي؛ أمورا واضحة وضوحا تاما في أذهان العرب المتكلمين بها، وفي كتابات من يَسلُكونَها في مقالاتهم وكُتُبهم.
5 ـ العالم السياسي الأمريكي Kenneth Neal Waltz صاحبُ نظرية الواقعية الجديدة néoréalisme (ou réalisme structurel). يُؤْثَرُ عنه أنه قال أو قيلَ له في حوار بينه وبين آخَر: استيقظْ فقَد تغيَّر العالَم (او: العالَم يتغيّر) wake up ! The world changesوالمهم أن يَعلمَ الإنسانُ اليومَ قَوانينَ هذا التغيُّر، وذلكَ للتوصل إلى فَهم سير الأحداث وتطورها والتحكم في توجيهها. أصبحَ السياقُ الإقليميّ اليومَ الاختيارَ الأوحَد للقوة والهَيْبَة وتحقيق الذّات.