ـ المعالم الشخصية العلمية لجلالة المغفور له لحسن الثاني ـ
بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لوفاته
الأناقة الفكرية و جمال الذوق :
من أبرز معالم شخصية الحسن الثاني طيب الله ثراه ، الأناقة الفكرية ، وجمال الذوق عن هذا يقول جلالته :” إن الإنسان خلق أنيقا و أنه لا ينفك متعهدا لأناقته “…” فإذا لم نكن أنيقين بأنفسنا، فإن صورتنا لن تتغير، إن الأناقة في العقل قبل كل شيء ، فإذا لم يكن المرء أنيقا فكريا أو خلقيا “…” فلن يكون أبدا أنيقا”.
و هذا هو الجمال الذي قال عنه المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال ” أخرجه مسلم و الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه و الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما و سبب وروده كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” فقال رجل :إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا قال :”إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس”.
عن صفة الجمال لله عز وجل قال ابن قيم الجوزية{ت 751هـ} رحمه الله :
وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيْفَ لا . . . وجمَالُ سَائِرِ هذهِ الأكْوَانِ
مِنْ بَعْض آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَـــــــــا . . . أَوْلْى وَأجْدرُ عِنْدَ ذِي العِرْفَانِ
فَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ والأوصَــــــــــــافِ . . . وَ الأفعَالِ وَالأسماء بالبُرهَانِ
لا شَيءَ يُشْبِهُ ذَاتَهُ وصِفَـــــــاتِهِ . . . سُبْحَانَهُ عَنْ إفْكِ ذِي بُهْتَانِ
و جلالة الحسن الثاني مؤمن بأن الجمال الأسمى للإنسان جمال النفس ، جمال المخبر كما قال الإمام علي رضي الله عنه فيما ينسب إليه من شعر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا . . . إن الجمال جمال العلم و الأدب
ويحدد جلالة المغفور له الحسن الثاني مقاييس الجمال في سياق حديثه عن المعايير التي يعتمد عليها للحكم على عمل فني ما :
” عندي أن على الإنتاج الفني أن يخضع لمعيار التوازن، ففي التمثال توازن الحركة، و في اللوحة توازن بين الامتلاء و الفراغ في الألوان و في الخلفيات وفي الموضوع الأساسي، فكل عمل فني إنما هو قضية التوازن “
و هذا هو الجمال في كل شيء، إنه توازن و تناسق و انسجام.
وقد أكرم الله تعالى عبده الحسن الثاني بالجمال الباطن و الظاهر، فكان أنيقا في فكره ووجدانه، أنيقا في معاملته و سلوكه، أنيقا في آماله وطموحه، يُغَلِّبُ على الدوام جانب التفاؤل ويقول :” أنا لست متشائما، أنا رجل واقعي و متفائل بالطبع “، “إن المتشائم لن يكون أنيقا أبدا “
في هذا المعنى يقول الشاعر :
و الذي نفسه بغير جمال . . . لا يرى في الوجود شيئا جميلا
أيها الشاكي و ما بك داء . . . كن جميلا ترى الوجود جميلا
و إذا كان جمال ذوق جلالته يظهر في لباسه و سمته، وفي المعمار والزخرفة، كما يتجلى – على سبيل المثال – في ضريح محمد الخامس، و في مسجد الحسن الثاني، و كما ينعكس على بعض هواياته الخاصة كـ “الذواقة” التي يعني بها ابتكار ألوان جديدة من الطعام اللذيذ ،ولجلالته، في الباب كلام طويل، فإن هذا الجمال يطبع أعمال المغفور له بشكل تمثله كتاباته وأحاديثه المختلفة، على مستوى الشكل و المضمون …
و من ذوق الحسن الثاني الجمالي الرفيع، نظرته إلى الحلال و الحرام في الإسلام حين يقول :”إن المحرمات في الإسلام ليست كثيرة جدا” و هذا أسلوب الداعية الحكيم، أسلوب المتفائل ، المتشبع بالإيمان، الذي ينظر إلى مكامن الجمال في الدين، في مقابل من تشعر أحاديثهم بالتشاؤم، و كأن هذ الدين طبع بعلامات المنع في كل اتجاه، مع أن الحقيقة غير ذلك كما تحدث عن ذلك القرآن الكريم …
قال تعالى: { يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ ۙ} الآيتان
وقال : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ} الآية
و قال :{وَابْتَغِ فِيمَا آتَكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ} الآية
ن معالم الشخصية العلمية لجلالة المغفور له لحسن الثان
بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لوفاته
الحلقة الرابعة – الأناقة الفكرية و جمال الذوق:
من أبرز معالم شخصية الحسن الثاني طيب الله ثراه ، الأناقة الفكرية ، وجمال الذوق عن هذا يقول جلالته :” إن الإنسان خلق أنيقا و أنه لا ينفك متعهدا لأناقته “…” فإذا لم نكن أنيقين بأنفسنا، فإن صورتنا لن تتغير، إن الأناقة في العقل قبل كل شيء ، فإذا لم يكن المرء أنيقا فكريا أو خلقيا “…” فلن يكون أبدا أنيقا”.
و هذا هو الجمال الذي قال عنه المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال ” أخرجه مسلم و الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه و الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما و سبب وروده كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” فقال رجل :إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا قال :”إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس”.
عن صفة الجمال لله عز وجل قال ابن قيم الجوزية{ت 751هـ} رحمه الله :
وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيْفَ لا . . . وجمَالُ سَائِرِ هذهِ الأكْوَانِ
مِنْ بَعْض آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَـــــــــا . . . أَوْلْى وَأجْدرُ عِنْدَ ذِي العِرْفَانِ
فَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ والأوصَــــــــــــافِ . . . وَ الأفعَالِ وَالأسماء بالبُرهَانِ
لا شَيءَ يُشْبِهُ ذَاتَهُ وصِفَـــــــاتِهِ . . . سُبْحَانَهُ عَنْ إفْكِ ذِي بُهْتَانِ
و جلالة الحسن الثاني مؤمن بأن الجمال الأسمى للإنسان جمال النفس ، جمال المخبر كما قال الإمام علي رضي الله عنه فيما ينسب إليه من شعر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا . . . إن الجمال جمال العلم و الأدب
ويحدد جلالة المغفور له الحسن الثاني مقاييس الجمال في سياق حديثه عن المعايير التي يعتمد عليها للحكم على عمل فني ما :
” عندي أن على الإنتاج الفني أن يخضع لمعيار التوازن، ففي التمثال توازن الحركة، و في اللوحة توازن بين الامتلاء و الفراغ في الألوان و في الخلفيات وفي الموضوع الأساسي، فكل عمل فني إنما هو قضية التوازن “
و هذا هو الجمال في كل شيء، إنه توازن و تناسق و انسجام.
وقد أكرم الله تعالى عبده الحسن الثاني بالجمال الباطن و الظاهر، فكان أنيقا في فكره ووجدانه، أنيقا في معاملته و سلوكه، أنيقا في آماله وطموحه، يُغَلِّبُ على الدوام جانب التفاؤل ويقول :” أنا لست متشائما، أنا رجل واقعي و متفائل بالطبع “، “إن المتشائم لن يكون أنيقا أبدا “
في هذا المعنى يقول الشاعر :
و الذي نفسه بغير جمال . . . لا يرى في الوجود شيئا جميلا
أيها الشاكي و ما بك داء . . . كن جميلا ترى الوجود جميلا
و إذا كان جمال ذوق جلالته يظهر في لباسه و سمته، وفي المعمار والزخرفة، كما يتجلى – على سبيل المثال – في ضريح محمد الخامس، و في مسجد الحسن الثاني، و كما ينعكس على بعض هواياته الخاصة كـ “الذواقة” التي يعني بها ابتكار ألوان جديدة من الطعام اللذيذ ،ولجلالته، في الباب كلام طويل، فإن هذا الجمال يطبع أعمال المغفور له بشكل تمثله كتاباته وأحاديثه المختلفة، على مستوى الشكل و المضمون …
و من ذوق الحسن الثاني الجمالي الرفيع، نظرته إلى الحلال و الحرام في الإسلام حين يقول :”إن المحرمات في الإسلام ليست كثيرة جدا” و هذا أسلوب الداعية الحكيم، أسلوب المتفائل ، المتشبع بالإيمان، الذي ينظر إلى مكامن الجمال في الدين، في مقابل من تشعر أحاديثهم بالتشاؤم، و كأن هذ الدين طبع بعلامات المنع في كل اتجاه، مع أن الحقيقة غير ذلك كما تحدث عن ذلك القرآن الكريم …
قال تعالى: { يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ ۙ} الآيتان
وقال : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ} الآية
و قال :{وَابْتَغِ فِيمَا آتَكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ} الآية
بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لوفاته
الحلقة الرابعة – الأناقة الفكرية و جمال الذوق:
من أبرز معالم شخصية الحسن الثاني طيب الله ثراه ، الأناقة الفكرية ، وجمال الذوق عن هذا يقول جلالته :” إن الإنسان خلق أنيقا و أنه لا ينفك متعهدا لأناقته “…” فإذا لم نكن أنيقين بأنفسنا، فإن صورتنا لن تتغير، إن الأناقة في العقل قبل كل شيء ، فإذا لم يكن المرء أنيقا فكريا أو خلقيا “…” فلن يكون أبدا أنيقا”.
و هذا هو الجمال الذي قال عنه المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال ” أخرجه مسلم و الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه و الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما و سبب وروده كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” فقال رجل :إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا قال :”إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس”.
عن صفة الجمال لله عز وجل قال ابن قيم الجوزية{ت 751هـ} رحمه الله :
وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيْفَ لا . . . وجمَالُ سَائِرِ هذهِ الأكْوَانِ
مِنْ بَعْض آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَـــــــــا . . . أَوْلْى وَأجْدرُ عِنْدَ ذِي العِرْفَانِ
فَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ والأوصَــــــــــــافِ . . . وَ الأفعَالِ وَالأسماء بالبُرهَانِ
لا شَيءَ يُشْبِهُ ذَاتَهُ وصِفَـــــــاتِهِ . . . سُبْحَانَهُ عَنْ إفْكِ ذِي بُهْتَانِ
و جلالة الحسن الثاني مؤمن بأن الجمال الأسمى للإنسان جمال النفس ، جمال المخبر كما قال الإمام علي رضي الله عنه فيما ينسب إليه من شعر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا . . . إن الجمال جمال العلم و الأدب
ويحدد جلالة المغفور له الحسن الثاني مقاييس الجمال في سياق حديثه عن المعايير التي يعتمد عليها للحكم على عمل فني ما :
” عندي أن على الإنتاج الفني أن يخضع لمعيار التوازن، ففي التمثال توازن الحركة، و في اللوحة توازن بين الامتلاء و الفراغ في الألوان و في الخلفيات وفي الموضوع الأساسي، فكل عمل فني إنما هو قضية التوازن “
و هذا هو الجمال في كل شيء، إنه توازن و تناسق و انسجام.
وقد أكرم الله تعالى عبده الحسن الثاني بالجمال الباطن و الظاهر، فكان أنيقا في فكره ووجدانه، أنيقا في معاملته و سلوكه، أنيقا في آماله وطموحه، يُغَلِّبُ على الدوام جانب التفاؤل ويقول :” أنا لست متشائما، أنا رجل واقعي و متفائل بالطبع “، “إن المتشائم لن يكون أنيقا أبدا “
في هذا المعنى يقول الشاعر :
و الذي نفسه بغير جمال . . . لا يرى في الوجود شيئا جميلا
أيها الشاكي و ما بك داء . . . كن جميلا ترى الوجود جميلا
و إذا كان جمال ذوق جلالته يظهر في لباسه و سمته، وفي المعمار والزخرفة، كما يتجلى – على سبيل المثال – في ضريح محمد الخامس، و في مسجد الحسن الثاني، و كما ينعكس على بعض هواياته الخاصة كـ “الذواقة” التي يعني بها ابتكار ألوان جديدة من الطعام اللذيذ ،ولجلالته، في الباب كلام طويل، فإن هذا الجمال يطبع أعمال المغفور له بشكل تمثله كتاباته وأحاديثه المختلفة، على مستوى الشكل و المضمون …
و من ذوق الحسن الثاني الجمالي الرفيع، نظرته إلى الحلال و الحرام في الإسلام حين يقول :”إن المحرمات في الإسلام ليست كثيرة جدا” و هذا أسلوب الداعية الحكيم، أسلوب المتفائل ، المتشبع بالإيمان، الذي ينظر إلى مكامن الجمال في الدين، في مقابل من تشعر أحاديثهم بالتشاؤم، و كأن هذ الدين طبع بعلامات المنع في كل اتجاه، مع أن الحقيقة غير ذلك كما تحدث عن ذلك القرآن الكريم …
قال تعالى: { يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ ۙ} الآيتان
وقال : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ} الآية
و قال :{وَابْتَغِ فِيمَا آتَكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ} الآية