شرعت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، المعروفة أيضا باسم “سيداو”، أمس الثلاثاء بجنيف، في فحص التقرير الوطني الذي تقدم به المغرب.
ويشمل هذا التقرير الوطني التقريرين الدوريين الخامس والسادس للمملكة الخاص باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وفي كلمة أمام اللجنة، أبرزت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، السيدة عواطف حيار، التي تقود وفدا يتألف من ممثلين لمختلف القطاعات والمؤسسات الوطنية، مختلف الإنجازات التي حققها المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل النهوض بحقوق المرأة، وكذا الأوراش والإصلاحات المنفذة بالمملكة في مختلف المجالات التي تشملها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وأوضحت السيدة حيار أن هذا الحوار التفاعلي يأتي لتقييم جهود المغرب في مجال تنفيذ مقتضيات هذه الاتفاقية، في سياق دولي يتميز بدينامية متزايدة لمواصلة جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة ال17، والتي يشكل الرقي بوضعية المرأة مدخلا أساسيا لبلوغها وفقا للهدف الخامس المتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات، وفي تطابق تام مع مبدأ “عدم ترك أي شخص على الهامش”.
وفي هذا السياق، أكدت الوزيرة على جهود المغرب التي يعكسها التقرير الوطني الذي أعدته المملكة المغربية سنة 2020، وذلك في إطار تطبيق مقتضيات قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 1/70، وخصوصا دعوتها لتتبع منتظم للتقدم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وكذا توصيات اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة المنعقدة في أبريل 2022 لتقييم إنجاز الأهداف المذكورة.
وحسب السيدة حيار، فإن المملكة انخرطت بكل مسؤولية وجدية في الأجندة الأممية “النساء، السلم، الأمن”، وعملت على تسخير كل الجهود والإمكانات لتحقيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325، وذلك من خلال إطلاق مخطط العمل الوطني للمملكة حول النساء والسلم والأمن في مارس 2022، حيث أكد المغرب بالمناسة على اعتبار النساء “عوامل تغيير وشريكات متساويات في مسلسل صنع القرار”.
وأكدت أن إعداد التقرير الوطني الجامع للتقريرين الدوريين الخامس والسادس للمملكة المغربية الخاص باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اعتمد منهجة تشاركية وتشاورية شارك فيها 32 قطاعا حكوميا ومؤسسة وطنية، كما شملت المشاورات مجلسي البرلمان. وعلاوة على ذلك، تم إدراج مقترحات ما يزيد عن 76 جمعية من المجتمع المدني في الصيغة النهائية للتقرير.
وأبرزت أن التقرير يغطي مجهودات البلاد على مدى 14 سنة تقريبا، وهي فترة شهدت خلالها المملكة المغربية دينامية حقوقية مست كل المجالات، وكانت لقضايا المساواة بين الجنسين وحماية حقوق المرأة والنهوض بأوضاعها، النصيب الأوفر من اهتمامات القطاع العام والجماعات الترابية والشركاء الدوليين والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مما ساهم في مباشرة الدولة للعديد من أوراش الإصلاح التشريعي والمؤسساتي، واعتماد مجموعة من الاستراتيجيات والخطط والبرامج وفق مقاربات ومداخل متعددة، أبرزها مقاربة التنمية المبنية على حقوق اللإنسان والاستثمار في الرأسمال البشري، ومقاربة النوع الاجتماعي، والمقاربة المجالية، والتدبير المرتكز على النتائج والحكامية الجيدة.
وأشارت الوزيرة إلى أن المرأة حظيت في الدستور بمكانة مركزية، حيث نص على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وحظر التمييز على أساس الجنس، ونص في فصله السادس على أن تعمل الدولة “على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية”.
وتوقفت السيدة حيار عند مجموعة من الإصلاحات التشريعية التي شكلت علامة فارقة في معالجة قضايا المساواة بين الجنسين، ومكافحة التمييز المبني على النوع، ومحاربة العنف وتمكين المرأة، لاسيما صدور قانون محاربة العنف ضد النساء، والقانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر وقانون حماية العمال المنزليين والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية.
وحسب الوزيرة، فإن تمثيلية النساء بمجلس النواب عرفت تطورا ملحوظا، إذ انتقل عددهن من 81 امرأة أي بنسبة 20,5 بالمائة سنة 2016، إلى 96 امرأة في سنة 2021 اي بنسبة 24,3 بالمائة، مشيرة إلى اعتماد المملكة لمجموعة من القوانين والنصوص التنظيمية الهادفة إلى إقرار المساواة وتحقيق المناصفة بين النساء والرجال في تقلد المناصب العليا ومناصب المسؤولية في الوظيفة العمومية.
وأضافت أن الحكومة تضم ست وزيرات بحقائب وازنة بدل وزيرة واحدة في سنة 2016. كما انتخبت امرأة رئيسة لجهة كلميم-واد نون وتم انتخابها أيضا رئيسة لجمعية رؤساء مجالس جهات المملكة. وانتخبت ثلاث نساء عمدات لمدن كبرى هي الرباط، الدار البيضاء ومراكش.
ولفتت إلى أن النساء تترأسن مجالس دستورية منها على الخصوص، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المجلس الأعلى للحسابات والهيئة العليا للاتصال السمعي-البصري.
وحسب الوزيرة، فإن المملكة، إيمانا منها بأهمية التخطيط الاستراتيجي، وتفعيلا لمضامين الدستور الداعية إلى وضع وإعداد سياسات تروم النهوض بأوضاع النساء وتمتيعهن بجميع الحقوق المعترف بها للجميع، تعتمد مقاربة جديدة علمية، مبنية على التشخيص من خلال الدراسة المتعددة الأبعاد، التي تمكن من تجميع وتحليل المعطيات عبر منظومة إحصائية متطورة، هدفها بلورة وتصحيح الاستراتيجيات والخطط والبرامج، وغايتها الأساسية فعلية الحقوق، وكذا اعتماد مقاربة النوع في التخطيط الاستراتيجي على المستوى الترابي، مع وضع مؤشرات محددة وإشراك كل الفاعلين عند الإعداد والتنفيذ والتتبع والتقييم.
وذكرت الوزيرة في سياق متصل، بمصادقة مجلس الحكومة بتاريخ 09 يونيو 2022 على مرسوم يقضي بإحداث “اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة”.
وسجلت أن المغرب عمل على فتح أوراش كبرى، غايتها توفير سبل العيش الكريم لكل المواطنات والمواطنين، وذلك من خلال دعم الاقتصاد والاستثمار في الرأسمال البشري، وهي الأوراش التي تعد المرأة من أكبر المخرطين فيها والمستفيدين منها، لاسيما المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مخطط المغرب الأخضر 2008-2020، صندوق التنمية القروية، اعتماد الاستراتيجية الوطنية “الجيل الأخضر” (2020-2030)، إصلاح منظومة العدالة وورش الحماية الاجتماعية.
وشددت الوزيرة على أن مناهضة العنف ضد النساء والفتيات تعتبر أحد المرتكزات الأساسية لهذه الاتفاقية، وعلى هذا الأساس اعتمدت المملكة مقاربة متعددة الأبعاد، ترتكز على الوقاية والحماية والتكفل والزجر، فضلا عن تعزيز الإطار التشريعي لحماية النساء.
وسعيا إلى تعزيز حماية النساء من كافة أشكال العنف التي قد تمارس ضدهن، تم اعتماد القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والذي دخل حيز التنفيذ في شتنبر 2018.
واغتنمت السيدة حيار هذه المناسبة للتأكيد على الأهمية البالغة لإعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، الذي تم توقيعه في 08 مارس 2020، تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، والذي يعتبر مبادرة متميزة حظيت سنة 2022 باعتراف منظمة الأمم المتحدة للمرأة كممارسة دولية نموذجية نجحت في تعبئة القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة من أجل العمل التشاركي والتقائية التدخلات للقضاء على هذه الظاهرة.
وقالت إنه “على الرغم من المكتسبات المحققة في تنفيذ مقتضيات الاتفاقية بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، فإننا واعون بضرورة بذل المزيد من الجهد والعمل في مجالات تعتبرها المملكة مدخلا أساسيا لتحقيق المشاركة الكاملة للمرأة وضمان استقلاليتها”، لافتة إلى أن أبرز انشغال في هذا الإطار هو مجال التمكين الاقتصادي والسياسي، ومواصلة المجهودات للقطع مع الإفلات من العقاب في مجال محاربة العنف وتطوير سبل الانتصاف والولوج إلى العدالة… “.
وحرصت الوزيرة على إبراز تميز المرحلة السياسية الحالية للمملكة، بوعي سياسي قوي وقناعة راسخة بضرورة تفعيل المساواة والسعي نحو المناصفة.
وجددت السيدة حيار، أيضا، التأكيد على استعداد المملكة لمواصلة التفاعل الإيجابي والبناء مع كل آليات المنظومة الأممية لحقوق الإنسان عامة، ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة على وجه التحديد، بشراكة مع كل المتدخلين والمعنيين، لاسيما جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في المجال والمؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
وخلصت إلى القول إن انضمام المغرب للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيشكل فرصة لمواصلة التفاعل المستمر مع اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، وتمرينا دائما من شأنه تطوير الممارسات الجيدة للمملكة في حماية حقوق النساء والقضاء على كافة أشكال التمييز والعنف ضدهن.