يمكن اعتبار فوز الكاتبة جوخة الحارثي بجائزة البوكر العالمية لعام2019 عن روايتها (سيّدات القمر)، بنسختها الإنجليزيّة بعد أن قامت بترجمتها البريطانية (مارلين بوث) العلامة الأبرز التي نبّهت الأوساط الثقافيّة العالمية لأهمّيّة السرد العماني، حيث سبق أن تُرجمت دواوين وقصائد لشعراء عمانيين من بينهم الكبير سيف الرحبي، والمهندس سعيد الصقلاوي، والجميل حسن المطروشي والمبدع زاهر الغافري، وآخرين، وبعد نيل( سيّدات القمر) الجائزة تُرجمت الرواية إلى عدّة لغات أخرى، وكذلك رواية (نارنجة) للكاتبة نفسها التي لم تكتفِ بتنبيه العالم للرواية العمانية فقط، بل للعربية فقد قالت عند تسلّمها الجائزة إنّ الأدب العربي جدير بأن يُقرأ، وأن يعرفه العالم وأكّدت أن من واجب المؤسسات الاشتغال على فوز روايتها واستثماره لفتح الأبواب أكثر للأدب العماني والعربي، علما بأنّ النادي الثقافي سبق له منذ سنوات تبنّي مشروع ترجمة منتخبات من الأدب العماني أسفر عن ترجمة كتب عمانية عديدة طُبعت في اليابان، للغات عدّة، وقد ترجمت المجموعة القصصية (رغيف أسود) للدكتور سعيد السيابي، عام 2015م إلى اللغة الأورديّة، وكما علمت، يجري العمل، منذ شهور، على ترجمة رواية الكاتبة بشرى خلفان (دلشاد) للإنجليزية، علما بأن عدد طبعاتها باللغة العربية منذ صدورها قبل نحو ثلاث سنوات بلغ تسع طبعات، وكذلك تُرجمت أكثر من رواية للدكتورة غالية آل سعيد، ورواية الكاتب زهران القاسمي ( تغريبة القافر)، التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر بنسختها العربية ٢٠٢٣م وكلنا نترقّب فوزها بالجائزة التي ستعلن قريبا إن شاء الله، وبالتأكيد هناك أعمال يتم الاشتغال عليها، سترى النور ، ويأتي صدور ترجمة جديدة لمجموعة( رغيف أسود) للسيابي إلى اللغة الفرنسية التي قام بترجمتها د. نور الدين سملاك، وإلى الصينية التي ترجمتها فاطمة الزهري، أقول: يأتي ذلك بمثابة حلقتين في هذه السلسلة التي تعرّف القرّاء الأجانب بالأدب العماني، وكلّنا نعرف أهميّة الترجمة في مدّ جسور التواصل الثقافي بين شعوب العالم، هذه الأهمّيّة يختصرها الشاعر جورج شتاينر بجملة واحدة هي” لولا الترجمة لكنا نسكن على تخوم الصمت”، فالترجمة تكسر الصمت الذي يحول دون حوارنا مع الآخر، رغم التحفّظ الموجود على ترجمة الشعر كون الترجمة ” هي الوجه الثاني للسجادة”، كما يقول رسول حمزاتوف، هذا الوجه يكون باهت الألوان، ولا يخلو من أطراف الخيوط التي صنع منها النسّاج السجادة، لكنّ السجادة تبقى جميلة بوجهيها، وإن كان الثاني أقلّ جودة، والسؤال الذي يمكن أن يدور الآن بذهن القرّاء: هل ترجمة العمل الأدبي مهمّة تلقى على عاتق الكاتب؟ بالطبع لا، فحين ينتهي المبدع من كتابة عمله، يكون قد أنجز مهمّته كمنتج، وما يعقب ذلك من مهمّات الناشر، كما يجري في الغرب، فهو الذي يسوّق للعمل، وينبّه لقيمته الأدبيّة، ليلفت أنظار المترجمين، وطبعا للجوائز الأدبية دور كبير في التعريف بالنتاجات المتميّزة، كما جرى مع الروايات التي تفوز في جوائز البوكر العالمية ونسختها العربية، والجوائز الأخرى، مع ضرورة التأكيد، على المبدع ألّا يكتب نصّه واضعا نصب عينيه ترجمة نتاجه الأدبي، فهو يكتب بلغته الأصليّة، وللمحيط الذي يعيش ضمنه، فالانطلاق للعالمية، كما هو معروف، يأتي من المحلّيّة، كونها تحمل خصوصيّة تثير فضول القارئ الأجنبي، وهكذا وصلت روايات نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1988م للعالمية، مع أنها تناولت قضايا الحارة المصرية، ونجد فيها أسماء لأماكن في القاهرة، كزقاق المدق وخان الخليلي والسكرية، وهذا لا يعني إهمال القضايا الإنسانية المشتركة، فإذا نجح عمل الكاتب، يمكن أن يلفت نظر المترجمين، لنقله إلى اللغات الأخرى، وبذلك يتمّ كسر حاجز الصمت .
*عبد الرزاق جبار عطية الربيعي (1961) شاعر وكاتب مسرحي وصحفي عراقي – عماني