1 ـ الترادف نسق المعنى العام المشترك كحد أدنى
الترادف في اللغة ليس هو التطابق، وذلك لأن المترادفات هي المتمايزات التي تلتقي عند مسافة افتراضية، تكون بمثابة حد أدنى للإحالة إلى معنى مشترك. بمعنى أن الترادف هو نسق المعنى العام المشترك كحد أدنى، من حيث هو تشابه لاغير، وليس كحد أقصى للمعنى، أو لنسق المعنى الخاص الذي به يكون التمايز والتباين والاختلاف. إذن لا يترتب عن هذه المعادلة تطابق بين كلمة وأخرى مترادفتين، وإنما يترتب عنهما اختلاف جذري في البنية وفي المعنى الخاص والمخصوص للترادف، وذلك لأن كل ترادف هو اشتراك في الحد الأدنى أو العام للمعنى كما قلنا أعلاه، أو أنه ترادف بالإحالة في حدها الأدنى، كما هو الشأن بالنسبة إلى كلمة البشر التي تحيل إلى الإنسان، وبالنسبة إلى كلمة السبيل التي تحيل إلى الطريق. ولأن الترادف ليس هو التطابق، إذ يستحيل أن توجد كلمتان متطابقتان تطابقا تاما، وإذا ما افترضنا ذلك فستكون الكلمتان هي ذاتها، أي هي الكلمة الواحدة، وإذا كان الأمر كذلك امتنع وجود الترادف عينه.
والحال أن الترادف هو اختلاف جذري في البنية وفي المعنى الخاص، لأن كل كلمة تحمل على الرديف، إنما هي كلمة أخرى متمايزة، وما دامت كذلك كان لها معنى مخصوص. لذا فكلمة بشر متمايزة عن كلمة إنسان، كما أن كلمة سبيل تتميز عن كلمة طريق، في البنية والمعنى الخاص. وإذا ما فحصنا ذلك تبين أن كلمة بشر وبشرية، هي غير إنسان وإنسانية، إذ أن البشر أو البشرية تدل على الوجود المعطى المباشر من حيث هو علاقة بالكثرة، وهذا هو المعنى القصي والمخصوص، أما كلمة إنسان وأنسانية، فهي تدل على الوجود اللامباشر، أو على كينونة في أفق كوني، بوصف الإنسان غاية في حد ذاته، وبوصف الإنسانية هي غاية الوجود البشري برمته. وإذا ما عدنا إلى الطريق فهو غير السبيل، إذ أن الطريق هو اتجاه أو مسار يؤدي إلى هدف معلوم، أما السبيل فهو ليس مسارا يقود إلى مكان معلوم، وإنما هو اتجاه يؤدي إلى هدف غير معلوم. إنه بمثابة مغامرة نرسم خطوطها بالحدس وليس بالرسم الموضوع في الطريق.
2 ـ كيف تقطع النخلة سعفها؟
هذه ليست ترجمة حرفية كما لو قلنا كيف تقطع سعف شجرة النخيل، وهو تعبير جار أيضا في العربية.
لكن العجيب أن جملة النعت السبي، وجملة بدل الاشتمال وبدل البعض من الكل، في العربية هي أقرب إلى الجملة الإنجليزية منها إلى الفرنسية. إنها قرابة التركيب قبل أن تكون قرابة للمعنى. والحال أن العربية في في تركيبها قريبة جدا من الإنجليزية. والأمثلة على ذلك عديدة، منها
You are right
وفي العربية أنت على صواب، أو أنت على حق، عوض لديك الحق، كما في الفرنسية vous avez raison.
ومنها she is sixty إنها تبلغ ستين عاما، عوض لديها ستون عاما كما في الفرنسية elle a soixante ans
وهذا معناه أن العربية حتى وإن كانت لغة وسيطة، نسبة للقرون الوسطى، فهي أقرب إلى الإنجليزية منها إلى الفرنسية، وحتى وإن كانت هذه الأخيرة تشكل جزءا يسيرا من منظومة الإنجليزية أيضا؛ بحيث أن التركيب في العربية قريب في عدة وجوه من الإنجليزية منه إلى الفرنسية .. ربما لهذا السبب يكون تعلم العرب للانجليزية أسهل، من تعلم اللغة الفرنسية.
(هذه أصدقائي صديقاتي مجرد ملاحظات أولية يجب أن لا تؤخذ بالجدية القصوى، لأنني ما زلت في طور اكتساب اللغة الإنجليزية إلى أن أدرك درجة الإتقان، وبعد ذلك لكل مقام مقال).
3 ـ ما بين العجلة والعجالة (بضم العين)
إما فرق التسرع أو هو فرق التحكم في السرعة. وذلك لأن الفعل الذي ننجزه في عجلة من أمرنا يفتقد للروية واليقظة والنباهة، بحيث يكون هدفنا هو التخلص، وليس حسن التخلص؛ ولأن ما ننجزه بعجالة، فهو ليس من العجلة في شيء، إنه فقط المختصر المفيد الذي ننتجه بإتقان شديد، غب ( بكسر الغين وفتح الباء المشددة ومعناها بعد) مراس عتيد، بحيث يكون هدفنا هو حسن التخلص، وليس مجرد التخلص. إن الأمر متعلق بالتحكم في زمان الغاية، وليس بإتلاف الأهداف التي تقود للغاية. وبقدر ما يكون الهدف في العجلة زائغا بمقتضى الحركة الضائعة بعيدا عن المرمى، فإن الهدف في العجالة يكون بمقتضى الحركة الوجيهة في قلب المرمى. بعبارة أخرى فإن العجلة شرود، أما العجالة فهي استعجال الاقتدار على بلوغ الغاية، قبل فوات الأوان.
4 ـ أسوأ مصحح لمتن الكتاب هو الكاتب نفسه
أعتقد -انطلاقا من تجربتي الخاصة- أن أسوأ مصحح لمتن الكتاب هو الكاتب نفسه. وهذا لا يعني أن الكاتب يتغاضى عمدا عن أخطائه، بل لأنه لا يراها ولا يكاد ينتبه إليها إلا لماما. ربما تشبه كتبنا ، أثناء الفحص والتدقيق اللغوي، وجوهنا الشخصية التي يستحيل أن نراها مباشرة، وإنما من خلال مرآة.