ـ اللوحة التشكيلية للفنان اسماعيل شموط ـ
أنتم وحدكم، الآن، يقول الجدار الذي وصل في الليل
لن تُطرق أبواب بيوتكم، ولن تربت يد على أكتافكم
الطرق المؤدية إلى أحلامكم محطمة وملقاة على اليابسة مثل جثث طويلة ملتوية
الدروب التي كنتم تعبرونها، دون رهبة، نحو إخوتكم وجيرانكم في الفصول القاسية وحين تضيق الدنيا ويقل المطر، أُغلقت بالحجارة والعجز وسوء النية
الجسور التي كانت تلمع في ذكريات آبائكم سقطت في الوديان التي جفت منذ زمن بعيد
لا تنتظروا أحداً من هناك.
انتهى ذلك الزمن حين كان الغبار البعيد يعني تلويحة من عابر أو إخوة في الطريق أو بريداً من العائلة
الغبار الذي ترونه هو حطام بيوتكم ومنازل أهلكم هناك
والدخان الذي خلف التلال ليس نار قوافل أو إشارات عائدين
هو حرائق حقول أعمامكم وبساتينهم التي كنتم تتباهون بها
لا أحلام يمكن أن تنمو في الأصص التي تواصلون جمعها ورعايتها.
لم يعد لكم إخوة
هذه هي الصحراء الوحيدة التي حصلتم عليها
هذه هي الصحراء التي ألقيتم فيها
هذه هي الصحراء التي كانت تتغذى من صبركم وتتقدم في صمتكم.
الجدار الذي يأتي بالماضي في كل مرة
الجدار بدل الطريق.
الجدار الذي يتدفق في الغرف ويدخل البيوت والنوافذ وغرف النوم وهو يحمل الصيحة ويلقيها على المقاعد والأسرّة وأكفان الأولاد والبنات..
“لم يعد لكم إخوة” “انتم وحدكم الآن”.
ولكن كل شيء يعرف أنكم ستنهضون.
