(كش بريس/خاص) ـ تواصلت في بيت الفلسفة بالفجيرة فعاليات اليوم الثاني من الدورة الرابعة لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، المقام هذا العام تحت شعار “النقد الفلسفي”.
تضمن برنامج اليوم عدة محاضرات لأبرز أساتذة الفلسفة العرب والأفارقة، حيث تضمنت الجلسة الأولى التي أدارتها د. دعاء خليل محاضرتين، جاءت الأولى تحت عنوان “الأساس الفلسفي للنقد الأدبي” وطرحت فيها الناقدة الإماراتية د. مريم الهاشمي عدة تساؤلات عن فلسفة الفوضى وفلسفة الآلة، ومدى قدرة النقد على احتواء الفلسفة، وماذا تريد الفلسفة في الأساس من النص الإبداعي. وتناولت الهاشمى خلال محاضرتها المراحل التي مر بها النقد مع التطور الإنساني والفكري حتى أصبح له منهجية واضحة.
بينما تحدث د. سليمان الضاهر، أستاذ الفلسفة اليونانية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، عن “النقد وبداية التفلسف” من خلال طرح بعض النقاط في ورقة عمل اعتبرها ملخصا لأحد أبحاثه، فسلط الضوء على كيف انتقل الإنسان القديم خلال مرحلة الوعي الأسطوري التي كان يتقبل فيها الخلق دون نقد أو طرح أي سؤال – لأنه كان يتوافق مع رغباته الإنسانية – إلى مرحلة النقد الفلسفي. وشرح الضاهر كيف انتقل الفكر الفلسفي من السؤال النظري إلى مرحلة السؤال العملي التي جعلت النقد الفلسفي أكثر التصاقا بالإنسان.
وفي نفس السياق، عقدا الجلسة الثانية التي رأسها د. سليمان الضاهر، فجاءت المحاضرة الأولى تحت عنوان “الإنصات بوصفه شرطا أوليا للنقد”، حيث تحدث فيها د. عبد الله المطيري عن العلاقة الوثيقة بين الإنصات والنقد، وكيف يسهم الإنصات في تطوير الحوار والفكر النقدي، كما أكد أن الإنصات هو النداء الذي تستجيب له اللغة لتلد حوارا.
وبعد ذلك، كان للحاضرين والمشاركين موعد مع محاضرة بعنوان “النقد والسؤال” تحدث فيها د. عبد الله الجسمي عن طبيعة العلاقة بين النقد والسؤال على مستوى التقديم والتفكير وطبيعة الوظيفة النقدية للفلسفة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المنهج النقدي في المدارس الفلسفية التقليدية الذي كان مقيد بالمسلمات وخاضع لطبيعة الحقيقة الكلية التي يؤمن بها الفيلسوف.
وعلى صعيد آخر، جاءت الجلسة الثالثة والأخيرة التي قدمت باللغة الإنجليزية والتي رأسها د. مشهد العلاف، حيث حاضر في تلك الجلسة الناقد الأفريقي د. إيدوين إيتييبو بعنوان “الخطاب الفلسفي العربي والإفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية” والذي أكد على أن تطور الفلسفة الغربية اعتمد في الأساس على نظريات وفلاسفة العرب، بالرغم من أنهم يعتبرون تاريخ الفلسفة الأوروبية وكأنه هو التاريخ الوحيد والأساسي في جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى رفضه لتهميش دور الفلسفة العربية والأفريقية رغم تميزها وتفردها، خاصة الفلاسفة الإسلاميين الذين أحدثوا تطورا كبيرا في هذا المجال، وانتقلت أفكارهم من خلال الترجمات من العربية إلى اللغات المختلفة، كما ضرب أيضا مجموعة من الأمثلة على وجود فلاسفة في مصر أسهموا بكثير من الدراسات في مجال الفلسفة منذ العصور الفرعونية القديمة، وكان أغلبهم يجمعون بين الفلسفة والطب والعلوم.
وكانت أعمال الدورة الرابعة من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، الذي يُقام تحت رعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، قد انطلقت يوم الخميس 21 نوفمبر 2024، من تنظيم “بيت الفلسفة” بالفجيرة تزامنًا مع اليوم العالمي للفلسفة، تحت شعار “النقد الفلسفي”.
وأكّد الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، على أهمية النقد ومكانته في تاريخ الثقافة العربيّة في الأدب والفلسفة والفكر، ودوره في التعبير عن حرية العقل الموضوعية، وفهم الآخر، وتطوير الوعي الإنساني والمجتمعي عبر التفكير الناقد والحوار والتحليل.
وأشار الشرقي في الجلسة الافتتاحية إلى الأهمية التي تُوليها حكومة الفجيرة لتعزيز دور الفكر والثقافة في المجتمع، ترجمةً لتوجيهات الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، التي تهدف إلى بناءِ مجتمعٍ معرفيٍّ يقوم على تمكين الإنسان، وخلق أجيالٍ واعية بأهمية المعرفة والفِكر، تسهم في نهضة الوطن وتدعم تنافسيته العالمية على كافّة المستويات.
كما نوّه إلى ضرورة الاهتمام بتعزيز التواصل الفكري والثقافي بين مختلف الأطياف الفكرية من حول العالم، وتبادل التجارب والمعارف والأفكار في المواضيع التي تخدم تطوّر الفكر الإنساني، وتدعم تقدّمه، وتمنحُ الفرص لإثراء النقاش حول مختلف القضايا الفلسفية المُلحّة وعلى رأسها النقد الفلسفي.
وأشاد الشرقي بالمواضيع التي يناقشها برنامج المؤتمر، مُثَمّناً سعي المشاركين في جلساته ومناقشاته وفعالياته إلى إنجاح مساعيه وتحقيق أهدافه نحو خدمة الثقافة عامة، والفلسفة خاصة.
وتضمن الافتتاح كلمةً ترحيبيةً ألقاها الدكتور أحمد البرقاوي، عميدُ بيت الفلسفة، تلاها عرضٌ مرئيٌّ (فيلم قصير) سلّط الضوء على تاريخ تطور الفكر النقدي الفلسفي عبر العصور، ثمّ قدّم البروفيسور بوروشوتاما بيليموريا، عضو هيئة التدريس في جامعة سان فرانسيسكو، كلمةً مُلهمةً تحدّث فيها عن أهمية النقد الفلسفي من وجة نظر مختلف الثقافات.
وبدأت وقائعُ أعمال مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، بالجلسة الأولى التي قدّم فيها الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة محاضرةً عن ماهيّة النقد الفلسفي، والمفكّر الدكتور عبدالله الغذامي محاضرةً عن النقد الثقافي، وترأّسها الدكتور سليمان الهتلان، حيث سلّطت الضوءَ على الفروقات والمُتشابهات بين النقد الفلسفي والنقد الثقافي، وأهميتهما، ومفاهيمهما الشاملة والمفصَّلة.
واستهلّت الجلسة الثانية بمحاضرة للدكتور فتحي التريكي حول “النقد في الفلسفة الشريدة”، حيث قدم تحليلاً عميقاً لمفهوم النقد في هذا الإطار الفلسفي. بعد ذلك، تطرق الدكتور محمد محجوب، خلال محاضرته، إلى السؤال المحوري: “ماذا يمكنني أن أنقد؟” مستعرضاً آليات النقد وأسسه. أما الدكتور أحمد ماضي قدم قراءة شاملة للتطورات التي شهدتها الفلسفة العربية المعاصرة، متناولاً أهم التيارات والمفكرين. وتولى الدكتور حسن حماد إدارة هذه الجلسة المثمرة.”
بعد ذلك نظّم بيت الفلسفة حفل توقيع لكتاب “تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه” للمؤلف الدكتور باسل الزين. كما شهد الحفل توقيع كتاب “الفلسفة كما تتصورها اليونسكو” للدكتور المهدي مستقيم، والذي قام بتوقيع الكتاب نيابة عنه والده الدكتور محمد مستقيم.”
واستكمالاً للجلسات قدم الدكتور مشهد العلاف ورقة عمل بعنوان “الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلمية”، وقدمت الدكتورة كريستينا بوساكوفا عرضا حول “الخطاب النقدي لهاريس” – نقد النقد.
وتناولت الدكتورة ستيلا فيلارميا موضوع “فلسفة الولادة ” محاولة نقدية، وأدار الجلسة الدكتور فيليب دورستيويتز .
واختتم اليوم الأول بالجلسة الرابعة التي قدم فبها الدكتور علي الحسن ورقة بحثية بعنوان “نقد البنيوية للتاريخانية”
وتحدث الدكتور علي الكعبي عن تجربة ” تعليم الوعي النقدي “وأدار الجلسة الدكتور أنور مغيث.
حضر الافتتاح الدكتور أحمد حمدان الزيودي مدير مكتب ولي عهد الفجيرة، وعددٌ من الفلاسفة والأكاديميين والمثقّفين والمهتمّين بالشأن الفلسفي من مختلف أنحاءِ العالم.