يكتبها : محمد الطنجاوي ـ ( الحلقة الثانية )
………….
من يحكم في دوزيم ؟ ومن يتحمل مسؤولية تدبيرها العام؟؟
– في جل أركان وفضاءات الدوزيم يواجهك عنف هذا السؤال، وهو يتردد على لسان الغالبية من مستخدمي شركة صورياد، وفي الجواب على ذلك تتعدد أساليب الصياغة، فمن قائل بأن سليم الشيخ لم يكن سوى الوجه الإعلامي على الواجهة يقوم بما يقوم به كل من عينهم لعرايشي للعمل معه ، أي التكلف بالجزئيات دون المس بالملفات الكبرى ،وللتدليل على ذلك يذكرون بأن لعرايشي قد استعان في تنفيذ مراميه على حلفاءه من داخل إدارة المدير السابق مصطفى بنعلي الذين مكنوه من كل الملفات والأرقام والأسرار وخصوصا المالية والتنظيمية والإنتاجية، وهؤلاء هم وهن من يتربعون اليوم على مسؤولية كل الخطط التي حيكت وتحاك ضد الأطر المستقلة والنزيهة ممن صنعوا أقواس الضوء الجميلة والذين يعانون من تسلط وشطط أنصار العهد التدبيري الحالي بكل غموضه وانتهازياته…
– وبموازاة مع قول هؤلاء يتساءل آخرون، هل تسقط كل المسؤوليات عن المدير العام أم أنه يعتبر شريكا أخلاقيا للعبة رئيسه وأنه على طول زمن تدبيره كان يحقق ” كثيرا من مصالحه ومصالح محيطه الضيق المعروف بصداقات خاصة ” ؟؟!! ثم ماذا يعني أن يرفع من مقام المسؤولة على مديرية المال السابقة إلى مراتب أكثر استراتيجية لتصبح من موقع نائبته تشد كل خيوط القرار التنفيذي لاقتصاد صورياد ولأشياء أخرى صارت ” نميمات ” الكولوارات تتداولها كوجه من أوجه التبذير الملتوي لإمكانات القناة التي تعتبر من وجهة نظر الميزانية الحكومية في عداد المؤسسات الوطنية ” الأكثر عجزا ” .!!!
– لكن الأمر لم يعد يتوقف عند حدود ماسارت تقترفه هذه السيدة النائبة التي كان مصطفى بنعلي المدير السابق المسبب في تشغيلها وتبويئها ضمن فريق التدبير الذي كان يحيط به، فالمسألة أضحت تتعلق أيضا بمجموعة ممن التأمت طموحاتهم بعالمها المحكم الإغلاق ،فساروا يشكلون معها ” شبه لوبي ” ضاغط وسلطوي يتحايل على المساطر الإجرائية الداخلية، ويقيم روابط المصالح والصفقات مع أشخاص وشركات من خارج القناة، تحت تأثير تلك التي سار يلقبها الزملاء بالسيدة الحاملة للمطرقة والسكين…
– تروي الحكايات الرائجة عن صاحبة السكاكين الرقيقة
أنها امرأة صنعت مسارها بيديها من ذلك الشئ السحري والغامض في عالم ” الإرتقاء المبرمج ” الذي يسميه المختصون بالخدعة الدائمة وفسخ عقود الصداقات المتقلبة حتى ولو كان أصحابها أقرب الأقرباء إليها…ففي الطريق الصعب نحو غاية الربح والمنفعة لاشئ يصبح له قيمة تذكر.،،
– ففي عز الحرب المسعورة التي شنها رئيس القطب العمومي( المفترض) على بنعلي سنوات ألفين وسبعة و ألفين وثمانية كان لعرايشي يبحث وقتها عمن في القناةيستطيع أن يزوده بأدوات الإنتصار، فسارعت صاحبتنا آنذاك لتقديم الخدمة المطلوبة وبأكثر من أسلوب واحد…ومنذ تدشينها لهذا التعاون مع السيد الرئيس أخذت الفرص تسقط عليها تباعا، فعقدت بهدوء وصمت المتعاون الدهي تحالفات مع نائبة المدير العام المسؤولة على قطاع الأخبار القوية، وقدمت نفسها على أنها الأكثر وفاء لها والأبلغ وفاء فاستفادت من مكاسب علاقاتها ” الإخبارية ” مع رجالات من أوساط الدولة، بل إنها اقترحت عليها رئاسة جمعية غير حكومية من داخل القناة الثانية تستغل إمكانياتها المالية والبشرية في تنظيم لقاءات مغربية وإفريقية ودولية، وكذا في جمع التبرعات الإجتماعية لصالح أعمال خيرية…
– لكن ” المغادرة المفاجئة ” لنائبة سليم الشيخ المكلفة بمديرية الأخبار ( س.س ) فتح الباب مشرعا لكي تتربع المديرة المالية السابقة على أريكة كرسي حليفتها السابقة كنائبة للمدير العام ، لكنه في ذات الوقت سيفرض على الرئيس فيصل لعرايشي أن يضبط إيقاع ” خريطة ” اللعبة من جديد،بين مختلف المجموعات حتى لاتنفجر النيران الصديقة في وجهه، فهو يعرف جيدا مقاصدهم واحدا واحدا ويعرف أيضا ان توزيع بعض المنافع المذرة للدخل عليهم ستحميه من شرور حروبهم وماقد تسببه له من متاعب هو في غنى بعد رحيل نائبة سليم المتحكمة السابقة في مطبخ الأخبار…
وطبعا كانت أوامر الرئيس الجديدة تنعقد على شخص المشرفة على مالية القناة بكل أقطابها، بحيث سيجد المدير العام، كما تؤكد محاضر التوجيهات والتعيينات، نفسه امام واجب الإنضباط لرئيسه وهو يسلم صلاحيات التحرك الواسع الظاهر والباطن منها لسيدة الثقة الأولى عند حضرة الرئيس الذي يحكم بيد من حديد في مصير كل مؤسسات القطب الإعلامي الوطني وبدون حساب…
– في هذا المنعرج يحكي بعض المتتبعين العارفين بتحولات القطاع والقناة الثانية أن هذه الأخيرة قد كفت على ان تكون مؤسسة إعلامية تساهم في صناعة السياسة والنخب السياسية وتيارات الرأي الثقافي، وأداة لتيسير الإنتقالات المجتمعية ومرافقتها، ففريق الرئيس والمدير العام ومرؤوسيه أصبح لهم رأي آخر، فالوقت المغربي في نظرهم لم يعد بحاجة إلى تلفزيون وإذاعة للحوار والجدل والتحقيق والإستطلاعات الكبيرة وبلاتوهات ثقافية عالية الذوق لخلق رأي عام مغربي ذكي ونقذي وديمقراطي وطني لأن هذا الخيار الإستراتيجي” يكلف ” الأموال الطائلة والإستثمار في التكوين المعرفي والتكنولوجي دون أن يدر عليهم ” ربحا ” !!! وهذا الخيار المضاد ، للأصل في نشأة القناة وتحويلها إلى قطب عمومي لوحدها، هو خيار “تقنوقراطي انتهازي ” في تقدير ” مهني متخصص” في مجال الإتصاليات والصحافة الجماهيرية العامة، حيث يبدو أن العجز على بلورة مشروع إعلامي عمومي وطني أو عدم توفر الإرادة السياسية لفعل ذلك يدفع بأصحابه لركوب الموجات السهلة تبدأ بالربح الشخصي، وتنتهي بالضرورة إلى عجز يثقل مالية الدولة ويضعف في نفس الوقت قدرتها في الدفاع عن نفسها بإعلام يثق في نفسه وقدراته الخبراتية والمعرفية…
– أما النتيجة التي تحققت، لحد الآن بناءا على هذا الإختيار وأصحابه، فهي النتيجة/ المفارقة الغريبة: القناة الثانية أكبر أداة إعلامية شعبية تحقق نسب متابعة عالية، هي نفسها القناة التي تغرق في كثلة من الديون وتعجز كل شهر أن تؤدي مستحقاتها اتجاه قوتها العاملة والمتعاملين الخارجيين معها بكل أصنافهم!!!
فعن أي نموذج اقتصادي يتحدث الفريق المسير للدوزيم؟ وماهي كلفة الخسارات التي تحصدها القناة على يد هؤلاء المدبرين رئاسة وإدارة عامة ومديريات كلها تبحث عن الكعكة دون هم تنميتها وتقويتها في وجه العواصف عوض التبذير الذي يتحدث عنه الغادي والبادي داخل عالم القناة المغلق!!!
– إلى اليوم قليلا ماينتبه أهل “بيت الصحافة” بأن ولاية سليم الشيخ على رأس القناة الثانية قد بلغت أقصى حد لها منذ نشأتها إلى الآن أي 16 سنة، وهو مايشكل في نظر مهنيي القناة علامة دالة على ” جمود ما ” قد حصل في العلاقة بينها وبين مصدر القرار السياسي للدولة ، ونقصد به القصر الملكي، وهو الأمر الذي أخذ يعطل طويلا وصول قرارات التغيير والتعيين التي لم تكن تتجاوز مواعيدها سقف الثلاثة سنوات؟؟
– أكثر التحليلات رزانة اعتبرت أن السبب في ذلك يعود للقدرة الجهنمية لرئيس القطب العمومي( الذي لازال حلما مجهضا ) فيصل لعرايشي في بناء جدار وطيد يحجب هذه المؤسسة العمومية الإستراتيجية ومايجري فيها عن عيون الديوان الملكي … وفي سبيل ذلك يضيف أصحاب هذه الرواية أن الرجل قد رتب لهذا التوجه تخطيطا معقد الحلقات تحالف فيه مع الجميع ضد الجميع ليصل في النهاية إلى أهذافه الشخصية والخاصة…
_ فهل حان وقت الحساب من فوق ومن أعلى؟؟
وهل بدأت أجراس العودة تقرع ليعود بعض من العدل للمؤسسة الإعلامية العمومية التي تعرضت لأكثر أنواع الظلم ظلما من طرف الغريب عنها وكذا من لدن بعض من أهلها الذين استلذوا بفتات موائد مسمومة…
هذا ماسنتوقف عند بعض من ملامحه في حلقتنا القادمة المخصصة لسؤال الإصلاح وكلفة خساراته…