وجهت الشاعرة والكاتبة المغربية الأستاذة مالكة العاصمي، نداء عاجلا لإنقاذ المدرسة التاريخية “الفضيلة للبنات”، أول مدرسة تأسست لتعليم البنات بمراكش، من الانهيار التام، بعد الضربة الزلزالية العنيفة التي ألمت بمراكش والحوز، ومست معظم المعالم التاريخية والأثرية بالمدينة العتيقة.
وقالت العاصمي في تصريح خصت به (كش بريس)، إن تراثا وطنيا أساسيا بمراكش تعرض للانهيار بسبب الزلزال، مشيرة إلى حي حارة الصورة درب سليمة مدرسة الفضيلة للبنات، التي اشتراها الباشا الحاج التهامي الكلاوي لفائدة الحركة الوطنية في مرحلة تآلف معها وكلف الوالد احمد بن الحسن العاصمي بإدارتها والسيد الطيب السقاط بتزويدها بما تحتاج اليه”.
وأضافت الشاعرة والباحثة الكبيرة مالكة العاصمي، إن “الأميرة عائشة دشنتها وتطوع للتدريس فيها زعماء الجنوب الموقعون على وثيقة الاستقلال وقادة المقاومة المغربية وعبد القادر حسن العاصمي عبد الله ابراهيم الحسين الورزازي… وكذلك البشير بلعباس التعارجي والحبيب الغيغائي الفرقاني ومولاي عبد السلام الجبلي والصديق الغراس وعبد النبي بلعادل ومحمد اليزيوي و… وكانت من أهم مراكز الحركة الوطنية والمقاومة والنهضة المغربية”.
وحول تاريخ تأسيسي الفضيلة، وميزانها في تاريخ المدرسة المغربية وإشعاعها الحضاري والثقافي، أوضحت العاصمي، أن “المدرسة المعنية، خرجت ابتداء من سنة 1946 باكورة الفتيات الحاصلات على الشهادة الابتدائية. وقدمت النموذج المثالي لتحرير وتحرر المرأة ونهضتها من الفتيات والنساء كجيل قامت على أكتافهن حركة المقاومة وحركة النهضة المغربية والتحرر. وشكلن كذلك الاطر الاولى التي قامت على اكتافهن الإدارة المغربية غداة الاستقلال”.
بالإضافة، تؤكد الكاتبة، إلى أن الاستعمار أقدم على إغلاقها، واعتقل روادها سنة 1953 ولم تفتح من جديد إلا بعد إعلان الاستقلال سنة 1955مواصلة نضالها التحرري النهضوي.
وتابعت العاصمي، أن الوالد رحمه الله تكلف بإدارتها إلى حين انتقاله إلى رحمة الله في 2 ابريل سنة 1961 حيث سلمتها العائلة الى المدير مولاي امحمد الادريسي ياسين، كما أنه في الثمانينيات قامت السلطة بمنع الدراسة في مدرسة الفضيلة بسبب كونها لم تحظ بأية اصلاحات فاصبحت آيلة للسقوط وقامت بإغلاقها.
وزادت : المرحوم مولاي امحمد الادريسي ياسين الذي كان مديرها منذ وفاة الوالد في 2 ابريل سنة 1961 انتقل حينئذ لفتح مدرسة كان شيدها في زنقة رحال بن احمد المعروفة بثانوية الإدريسي، بعد مدة سلمها لي المرحوم مولاي امحمد الادريسي ياسين.على هذه الحالة، ومنذئذ، تبرز العاصمي، “لم أدخر جهدا في تكوين الملفات وطلبات تثمين هذه المؤسسة باعتبارها تراثا عموميا يتحدث عن مظهر من أهم مظاهر تاريخ نهضة المغرب وتاريخ المقاومة والتحرر وتاريخ تحرير المرأة وتاريخ تعليم النساء….. طالبة سواء باستعمالها في وظيفتها/ التعليم، أو كمتحف لتاريخ التعليم أو تاريخ تعليم المرأة أو تاريخ المقاومة المغربية في الجنوب”.
وذكرت العاصمي، بقيامها المتكرر بطرق جميع الأبواب دون فائدة، حيث قامت بالاتصال “بوزراة الأوقاف ووزراء التعليم الذين تعاقبوا عليهما منذ الثمانينيات إلى الآن، وإلى السيد مدير المتاحف بالمغرب ووزارة الثقافة والمندوبية السامية للمقاومة…..”. متسائلة متعجبة :”هكذا هو تاريخ المغرب وتراثه”.
وختمت الكاتبة العاصمي، “الحمد لله أن هناك اليوم يقظة ووعي جديد بالتراث وقيمته وأدواره الاقتصادية والحضارية و… ننتظر أن يلتفت المعنيون أو بعضهم إلى هذا التراث النسائي المتميز الذي ضربه الزلزال ضربة عاتية”.
وفي سياق متصل، نفت مالكة العاصمي، أن يكون أي مسؤول قد اتصل بها، من أجل التنسيق في إمكانية إيجاد حلول لإنقاذ مدرسة الفضيلة، وإعادة الروح إليها، مشددة على أن “هذه المؤسسة التاريخية العظيمة، هي ملك رمزي لكل المغاربة، والدولة معنية بتثمينها وإحياء جذوتها، وصيانة معمارها وتأهيلها للعب أدوار رائدة في مجال الحفاظ على التراث وذخائره النفيسة”.
وناشدت العاصمي السلطات المعنية، بإيفاذ لجان خاصة، يكون من أهم أدوارها، التقصي الدقيق لوضعية المدرسة بعد الزلزال، وسبل إنقاذها من السقوط، مشددة في السياق ذاته، على أن إزالة الحائط المسيج لها، سيبدد ما تبقى من الأمل في إعادة الروح إليها.