1 – لا يعرف كثير من المنتمين بشكل من الأشكال إلى مراكش أن حي حارة الصورة أو السورة حيث تقوم مدرسة الفضيلة للبنات هو أول حي بني في مراكش، وأقدم حي، عمره عشرة قرون، سكنه أمراء المرابطين وقادة الجيش، ومنهم الأمير علي ابن يوسف نفسه الذي استوطن المنطقة وبنى بها جامعه “ابن يوسف” أحد جامعات مراكش التاريخية العظيمة ومراكزها العلمية.
بالتالي فجزء كبير من مساكن هذا الحي، ومنها الدار التي شغلتها مدرسة الفضيلة يمثل التراث المعماري والنموذج المعماري للدار المرابطية ويعتبر جزءا حيويا من ذاكرة هذه المدينة وهويتها المعمارية العمرانية.
2 – هذه الدار المدرسة، ذات التاريخ المتعدد المعماري الثقافي الاجتماعي السياسي للمغرب، قد يتقرر هدمها بسبب ما أصابها من تشققات بدل العمل على ترميمها والمحافظة عليها، وهو أمر لا يمكن استساغته ولا القبول به سيما لكونها كغالبية دور الحي مبنية بالفخار وحجارة جليز لو ازيلت طبقاتها الخارجية، لاتضحت صلابة البناء ومقاومته وحاجته للصيانة لا للهدم.
3 – لا يعرف الكثيرون أيضا أن مراكش قائمة على أرضية جلمودية أولا، وأن أغلب منشآتها مبنية بحجر جليز أو بالفخار المطبوخ او بالمزاوجة بين الفخار وحجر جليز ثانيا، ما يمنح مبانيها الصلابة ويجعلها صامدة على مدى عشرة قرون، ومنها مدرسة الفضيلة التي ظلت مهجورة، ولم تستفد من أي إصلاح منذ قرابة القرن ومع ذلك بقيت صامدة.
4- إن مدرسة الفضيلة للبنات تراث معماري ونموذج للدار المرابطية، بحيث لا تنحصر قيمتها التاريخية والتراثية في وظائفها وما قدمته للنهضة المغربية، ولتعليم وتحرير المرأة، وللمقاومة والتحرر الوطني، وتأسيسها للعمل المدني، وللعمل الثقافي، وأول مؤسسة وظفت المرأة في المغرب وغير ذلك كثير، ولكن تكمن قيمتها كذلك في كونها تراث معماري، وتراث في نوعية البناء ونوعية المواد المستعملة وغير ذلك، وأنها تحتاج للإصلاح والترميم وليس للهدم والمحو.
5 – نحن نقدر ونتفهم جيدا غيرة ومخاوف السلطات المختلفة من سقوط بعض المباني وتعريض أرواح الناس للخطر. ونتفهم كون المهندسين والتقنيين والمختبرات، يلجأون للقول بالهدم بدل التعرض لمسؤولية قتل الأرواح، سيما مع إكراهات الزمن وضغط العمل وحجم الخسارة واتساعها وضخامتها. لكن الأمر يحتاج مع كل ذلك إلى كثير من التروي.
هي صرخة موجهة إلى مسؤولي مراكش. مع تقديرنا الكبير للجهود التي يبذلونها والتضحيات الجسيمة التي يقدمونها لا يدخرون.