أحاديث صحافية كثيرة جارية عن زيارة محتملة لرئيس الاركان الحزائري للسعودية طالبا نجدتها للتوسط بينها وبين الامارات العربية المتحدة، على خلفية الأخطاء الدبلوماسية الجسيمة التي اقترفها النظام الجزائري في حق الدولة الخليجية المؤثرة.
أكيد أن السياسة الخارجية للسعودية، اتصفت دائما بالمرونة والواقعية، دون تفريط في الحد الأدنى من المجاملات والترفع عن التعامل بسوء، مع من أخطأ في حقهم؛ وبالتالي فمن المحتمل أن تستقبل المملكة “شتقريحة” فوق أراضيها للاستماع إليه مباشرة؛ دون أن يعني ذلك أنها ستتحمس لدور الوساطة، بين نظام أخرق والامارات؛ فالمنطق العادي، قبل روابط الأخوة والتحالف بين دول الخليج العربي؛ تفترض أن تميل السعودية إلى الحق الواضح. فهل تقبل الجزائر النصيحة وتعتذر للامارات، عن الاتهامات الرخيصة التي كالتها إليها في الصيف الماضي؟
لا توجد ضمانات ، بأن تكف الجزائر عن تصرفات رعناء، باتت أساس عقيدتها الدبلوماسية؛ كما لا يوجد ما يوحي بتخلي المملكة عن المبادئ التقليدية التي حكمت علاقاتها الخارجية في الماضي والحاضر.
وأتصور أن المسؤولين في الرياض؛ قد يوجهون إلى” شنقريحة” وهو في ضيافتهم، سؤالا بسيطا: كيف تريدون منا أن نصلح ذات البين بينكم، وبين الامارات؛ بينما ترفضون التجاوب مع اليد الممدودة إليكم من عاهل المغرب، للاصغاء إلى العقل ووضع كل أسباب الخلافات العالقة بينه وبينكم على طاولة النقاش؟.
وقد يضيف السعوديون، بلسان أي مخاطب للجانب الجزائري: تدخلنا في نزاعكم مع الامارات، سيعد إخلالا بواجب ما يربطنا بالمغرب من أواصر الأخوة والتضامن. فهل يقترحون على الضيف الجزائري، بلباقتهم المعروفة، التطرق إلى خلافهم مع الامارات والمغرب؛ دفعة واحدة ؟ أو وفق أجندة زمنية يتفق على مراحلها.
في كل الأحوال، وسواء تحقق هذا السيناريو، أم صار مستبعدا ؛ فالثابت أن السعودية، لن تتورط في أية وساطة؛ ما لم تحصل من الجزائر على وعد بمباشرة النزاع الصعب مع المغرب؛ يقينا منها أن الأخير لن يعاكس أي دور دبلوماسي يقوم به الأشقاء في السعودية، حيال الامارات أو غيرها.
إن نداء الاستغاثة الصادر عن النظام الجزائري؛ يعكس حقائق، ضمنها قلقه الكبير من غضب الامارات التي أرسلت إشارات عبر أخرى، بتلقين الجزائر درسا قاسيا ، قريبا من عقر دارهم.
ربما يعني الاستعطاف، على الصعيد الداخلي، تهميشا كبيرا للرئيس “تبون” بل إبعاده عن تدبير الملفات الشائكة؛ بعد “زلاته” وإخفاقاته المتكررة. وتكاد تكون سابقة؛ أن يتولى رئيس الاركان؛ الاشراف على ملف الدبلوماسية والتفاوض مع الخارج؛ ما عدا إن أصبح الجيش ممسكا بكل السلطات.
وفي هذا السياق يجب الانتباه، بحذر وقلق، إلى السلوك العدواني حيال المغرب، سواء بتحريض الغوغاء، في الداخل والتحرشات العسكرية على الحدود؛ في تناقض تام مع تصريحات وزير خارجية الجزائر، بخصوص الرغبة في التطبيع مع المغرب.
الخلاصة .. بلد يغلي بصراعات في الداخل، وتخبط في علاقاته مع الخارج الأقرب والأبعد.