(كش بريس/خاص) ـ أخيرا عمل مجلس الحكومة، في بلاغه الجديد، على إدراج نقطة هامة في أجندة اجتماعه الأسبوعي، الذي سينعقد استثناء بعد غد الأربعاء لتزامن موعده الرسمي مع عطلة ذكرى المولد النبوي، خاصة بالمناقشة والمصادقة على مشروع المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، والذي حامت حوله مجموعة من الشكوك والارتيابات، وستتعمق أكثر ، في ظل رفض أغلب النقابات لبعض مضامينه.
وحول أهم التوجهات المبثوثة في المشروع، الذي اطلعت عليه (كش بريس)، فإنه يقدم إطارا عاما حول تنفيذ أحكام القانون-الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والذي يتسق مع طموحات الدولة، في تجديد مهن التدريس والتكوين والتدبير، وملاءمة الأنظمة الأساسية الخاصة بمختلف الفئات المهنية، والالتزام المشترك لكل المتدخلين بتحقيق أهداف الإصلاح التربوي، على أساس مبدإ التلازم بين الحقوق والواجبات.
ويأتي هذا المشروع وفقا للمذكرة، في سياق تفعيل التوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد للمملكة، الذي دعا إلى تحقيق نهضة تربوية حقيقية لتحسين جودة التعليم بشكل جوهري وإعادة وضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي للمغرب، وخاصة من خلال إحداث تغيير نسقي يشمل المحددات الأساسية لجودة التعليم، وكذا الرفع من قدرات النظام التعليمي، عبر الاستثمار في تكوين وتحفيز المدرسين قصد جعلهم الضامنين لنجاح تعلمات التلميذات والتلاميذ.
وأوردت الوثيقة في سياق متصل، أن هذا المشروع يتوخى بالإضافة إلى كل ما ذكر، تنفيذ الالتزامات الواردة في خارطة طريق الإصلاح التربوي 2022-2026، ولاسيما تلك المتعلقة بإرساء نظام لتدبير المسار المهني يحث على الارتقاء بالمردودية لما فيه مصلحة المتعلمين، وأيضا تنزيل وأجرأة مخرجات اتفاق 14 يناير 2023.
كما وسيخضع لمقتضيات النظام الأساسي الجديد والموحد، بالإضافة إلى موظفي الوزارة السارية عليهم مقتضيات المرسوم رقم 2.02.854 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية كما وقع تغييره وتتميمه، الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التي تطبق عليها حاليا إثنا عشر (12) نظاما أساسيا للأكاديميات، متخذا طبقا للمادة 7 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى كما وقع تغييره وتتميمه.
ولتنوير الرأي العام، واستزادة لمعلومات إضافية مهمة، فقد أفادت المذكرة نفسها، أنه “اعتبارا للصبغة الاستعجالية لمشروع المرسوم السالف الذكر، ولأثره الإيجابي على نساء ورجال التعليم، ولاسيما لتحفيزهم على الانخراط في تنزيل أوراش منظومة التربية والتكوين، بادرت هذه الوزارة إلى اقتراح مشروع المرسوم بقانون رقم 2.23.781 الذي نسخ وعوض أحكام المادة 11 من القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذي تم التداول بشأنه والمصادقة عليه خلال المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 14 شتنبر 2023”، مبرزة أنه “تم إعداد مشروع المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الجديد، وفق مقاربة تشاركية مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، حيث تم تشكيل لجنة تقنية مشتركة بين الإدارة وهذه النقابات، علاوة على إحداث لجنة عليا برئاسة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وعضوية النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية الموقعة على الاتفاق السالف الذكر”.
وحسب المذكرة، فإن وزارة القطاع، وقفت عند الوزارة أهمية صياغة مضامين المشروع المثير للجدل، بالاستناد إلى المرتكزات الأساسية التالية:
ـ تحقيق التكامل والانسجام: من خلال اعتماد هندسة جديدة للهيئات والأطر، عبر تفريغها في ثلاث هيئات بدلا من الهيئات الست الحالية، مع إحداث هيئة جديدة خاصة بالأساتذة الباحثين للتربية والتكوين، وتجميع الأطر ضمن كل هيئة وفق معايير ترتكز على تقاطع وتكامل مهام كل منها ووضع تراتبية منطقية للأطر والدرجات تتوخى تحقيق الفعالية والنجاعة.
ـ الاستقطاب للمهنة: بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الموظفات والموظفين، ومبدأي الإنصاف والكفاءة المهنية في ولوج مختلف الهيئات والأطر والدرجات والترقية فيها، بالإضافة إلى مبدأ التكوين والتباري في شغل وتولي المناصب والمهام.
ووفق كل ما ذكر، فإن مشروع المرسوم المقترح يرنو بالأساس إلى إحداث تحول في المدرسة العمومية من خلال تثمين أدوار الأستاذات والأساتذة وتحفيزهم وتأهيلهم وتعبئتهم، باعتبارهم الفاعلين الأساسيين في التغيير، وترسيخ حق التلميذات والتلاميذ في التعليم، وتكريس كل الجهود من أجل جودة تعليمهم وتكوينهم.
علاوة على استهداف ربط التحفيز بالمردودية والاستحقاق، ووضع الآليات الكفيلة بتقييم الأداء المهني للموظفين بناء على مؤشرات قابلة للقياس ومرتكزة على طبيعة المهام الموكولة لهم، وتعزيز آليات ربط المسؤولية بالمحاسبة.
كما يهدف المشروف أيضا إلى تحقيق الغايات التالية:
ـ التوحيد : من خلال سريان مقتضيات النظام الأساسي الجديد على جميع موظفي القطاع، بمن فيهم الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وتوحيد المسارات المهنية (من التوظيف إلى التقاعد)، والاستفادة من نفس الحقوق والضمانات والخضوع لنفس الواجبات والالتزامات.
ـ التحفيز: من خلال فتح أفق الترقي لولوج الدرجة الممتازة للفئات التي كانت تتوقف ترقيتها في الدرجة الأولى ( السلم 11)، وإقرار نظام للتحفيز المهني يمكن أعضاء الفريق التربوي للمؤسسة التعليمية من الاستفادة من منح مالية سنوية، وفق شروط معينة ترتبط بالمردودية والفعالية، حيث يهم هذا الإجراء أطر التدريس والأطر الإدارية والتربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي الحاصلة على شارة “مؤسسة الريادة”، إلى جانب منح جائزة الاستحقاق المني وشهادات التقدير والاعتراف.
وفي هذا الإطار أدرج مشروع المرسوم، جوانب إضافية مستهدفة، من بينها إحداث مسالك جديدة بمراكز تكوين الأطر العليا التابعة للوزارة، ومراجعة مقادير التعويضات التكميلية التي يتعين أن يراعى فيها مهام التأطير والمسؤولية والتميز وإنصاف بعض الفئات، ومراعاة مبدأ الاستقرار البيداغوجي في المشاركة في الحركة الانتقالية.
ويثير مشروع المرسوم، في هذا الصدد، أعمدة أخرى هامة، من بينها الاستناد إلى مبدأي الالتزام والمسؤولية، عبر إرساء مدونة لأخلاقيات المهنة مؤسسة على المبادئ الدستورية وميثاق المرافق العمومية، وكذا إرساء مبدأ المحاسبة وربطه بالمسؤوليات الملقاة على عاتق كل موظف، وتحديد شروط ومعايير اختيار وانتقاء أفضل الكفاءات لتولي مناصب المسؤولية بالقطاع، علاوة على إقرار بعض المقتضيات الخاصة بمجال التأديب والعقوبات، وكذا الضمانات والالتزامات الملائمة لخصوصية القطاع، دون أن يتجاهل مسألة تحقيق المردودية، من خلال ربط الاستمرار في مزاولة مهنة التدريس بالترسيم في المنصب وفق آلية لتقييم الأداء المهني، تأخذ بعين الاعتبار مدى انخراط الأستاذ(ة) في الالتزام بواجباته، ومؤسسة على التأطير والمواكبة من خلال إنجاز ملف مني، وربط الترقي في الدرجة والرتبة بنظام دقيق لتقييم الأداء المهني للموظفين، يقوم على عناصر واقعية قابلة للقياس تستوعبها شبكات مؤشرات التقييم. ويروم كذلك جعل الأثر على التعلمات أحد العناصر الأساسية المحددة للاستحقاق بأي ترقية، وإمكانية محو العقوبات التأديبية بالحصول على شهادات التقدير والاعتراف.