سنظل نحذر ، من موقعنا كحقوقيين يشتغلون ، ببعد سياسي، في مجال الحكامة ودمقرطة السياسات العمومية في مجال الأمن ، سنظل نحذر من أن يستغرق منا الزمن السياسي أعظم حصة من زمننا التشريعي في قضايا سيادية / أمنية لا زلنا ، كبرلمانيين ، نعتبرها ضمن المجال المحفوظ ، مع ضرورة وعينا بأن حماسة خطاب النوايا والإدانة وفق تكتيك ردود الفعل ؛ لا يرقى إلى واجب تكريس زمننا التشريعي (القصير نسبيا ) للسياسة العمومية في مجال الدفاع والأمن ، كخيارات حيوية وترسيخها كصلاحيات دستورية ، ولسنا نجد تفسيرا لتراخي السلطة التشريعية عن واجب تفعيل مقتضيات الفصل 54 من الدستور ، حيث تتاح الفرصة لرئيسي مجلسي النواب والمستشارين إبداء الرأي داخل قبة المجلس الأعلى للأمن بمثابة بسط الرقابة الدستورية على وقائع ومسؤوليات السياسات الأمنية للأمة . ففي سياق ” كم من حاجة قضيناها بتركها ” نستشف بأن نوابنا ومستشارينا الحزبيين بالضرورة مرتاحين جدا لكون المقتضيات التدبيرية والتنظيمية للمجلس الأعلى للأمن تخرج عن مجال القانون كنطاق تشريعي حكر لمؤسستهم البرلمانية ، وهي إشكالية حقيقية من شأن عدم معالجة أسبابها البنيوية قبل مظاهرها ، تكريس هيمنة السلطة التنفيذية ومن لبها هيمنة العقل الأمني بمقارباته ومقدراته التي يقتضي مطلب الوحدة الوطنية دمقرطتها وشفافية العلاقات والصلاحيات والمسؤوليات القانونية قبل السياسية . فكيف يعقل القبول بمفارقة دفاع السلطة التشريعية عن سياسات السلطة التنفيذية وأعطابها والحال أن البرلمانيين وقيادات أحزابهم – في إطار الرقابة الذاتية ناهيك عن تمثلات العقلنة البرلمانية المستوردة من الجمهورية الفرنسية الخامسة – يحظرون على أنفسهم عن المشاركة في صناعة القرارات السيادية والأمنية وبالأحرى مراقبتها أو مساءلتها حتى ؟ كيف لنا أن نؤهل ممارسة البرلمان للقيام بأدواره الدستورية كاملة ، فلا يعقل تكريس دوره كمجرد غرفة للتسجيل أو قبة للتزكية والإدانة والتهليل ؟ ألا يمكننا تقييم وتقويم الديمقراطية التمثيلية وترشيد كلفتها المالية والسياسية بحيث كدنا نعاين بالملموس أن العملية الإنتخابية يقتصر دورها في إفراز زعيم الحزب الفائز لكي يختاره الملك ويعينه رئيسا للحكومة ويقفل قوس الولاية التشريعية ؟
- رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن