(كش بريس/كنزة بوري ـ صحفية متدربة) ـ نظمت جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، المجلس السنوي لقاءات تينمل حصيلة الدراسات الموحدية، يوم السبت 27 ماي 2023 برياض الجبل الأخضر بمراكش، وذلك بمشاركة الأستاذ عثمان محمد العبسي مدير مركز تطوان للتراث وعضو بالمكتب التنفيذي لجمعية تطاون أسمير، والمؤرخ العلامة امحمد بن عبود أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان سابقا، وعضو مؤسس ونائب الرئيس المنتدب لجمعية تطاون أسمير .
هذا وافتتح المجلس الأدبي بخطاب ترحيب لرئيس جمعية منية مراكش الاستاذ جعفر الكنسوسي، متناولا في المقام أهمية قراءة تاريخ المعمار وسيرورته في الحضارة المغربية التليدة، مؤكدا على ثراء المراحل التي عاشها المغرب في ظل دول حكمت بالثقافة وصيانة المكتسبات.
وأبرز الكنسوسي تنوع وغنى التراث التحفي المعماري، ما بين مراجل متعاقبة اكتست فيها أفكار مبدعي ومهندسي المدن، أهمية بالغة وحضوة لا مثيل لها، متمثلا بالفترات المرابطية والموحدية والسعدية، والتأثيرات المتناغمة مع الخلفيات الثقافية العربية والإسلامية المحيطة، ومن بينها الفنون الأندلسية الراقية.
وفي معرض حديثه، عن تطور بنى هذه الفنون، ذكر الكنسوسي بزوايا من تصورات الباحثة المغربية “زكية الزواني” التي ألهبت أفنان الروح وهي تتجسد في طبيعات الفضاءات المغربية المتنوعة والعامرة بالبهاء والسمو، من جبال الأطلس إلى مهد الدولة الموحدية.
وفي سياق الموضوع ألقى الأستاذ عثمان محمد العبسي، محاضرة في “الزليج المغربي الوحدة في إطار التنوع ، الزليج التطواني نموذج”، مبرزا في سياق ذلك،أصالة الزليج المغربي وروافده المعمارية والفنية، و كذا تطوره وازدهارهازدهارا في فترة الدولة المرينية التي اعتبرت دولة راقية جدا على مستوى الفنون. إذ تشبعت كبريات البيوتات و المنازل خلالها بالزليج.
وتطرق العبسي بعد ذلك إلى المميزات المتماهية بين الزليج الفاسي والتطاوني والمراكشي والسلاوي، معتبرا أن زليج تطوان لم يتخذ اللون الاحمر عبر خمس قرون الأخيرة في تشكيلاته، فهذا اللون يميز فقط الزليج المراكشي الفاسي.
كما أوضح الأستاذ المحاضر، تطور الزليج الفاسي عبر حقب متعددة، حيت تغير الزليج الفاسي عبر التاريخ منذ تأسيس المدينة عام 172 هجرية (789 ميلادية)، وتحول من قطع فسيفساء بسيطة في زخارفها وألوانها إلى قطع بأشكال هندسية بديعة ومنمقة تصل أحيانا إلى درجة التعقيد، مع ألوان متناسقة بين درجات الأخضر والأزرق والأحمر، كما شهد الزليج الفاسي، يقول ذات المتحدث، تطورا في شكله وألوانه في فترة حضارة الأندلس، بالإضافة إلى أن نموذج عملية ترميم مدرسة ابن يوسف، تم الاشتغال عليها لمدة ثمانية و عشرين سنة كانت مبهرة.
وللمقارنة و المفارقة لا توجد إلا ستة جمعيات زليج تطاوني بينما في المغرب توجد أكثر من ستة آلاف تعاونية، إذ لا زالت حتى الآن، بل إنها تلاقي صدودا ومحاربة ضد انقراض هذه الحرفة، مثل فاجعة عام 2015، حيث إنه كانت معظم الحرف و الصنائع بالمغرب مهددة بتراجع وجودها من 415 حرفة إلى 145 حرفة فقط.
ويشار أنه خلال الدورة السابعة عشر ل UNESCO التي عقدت لأول مرة في المغرب، دافع خلالها الأستاذ عثمان محمد العبسي عن الزليج التطاوني, كما يعمل على إعداد ملف خاص للإعتراف بالزليج التطاوني كثرات لا مادي إضافة إلى أربع حرف مهددة بالإنقراض، من أهمها السرج المغربي، والبزة الوجدية وكذلك الخيمة المغربية.
واختتم هذا المجلس الأدبي السنوي للقاءات تنميل حصيلة الدراسات الموحدية لسنة 2023 بمحاضرة للمؤرخ امحمد بن عبود، والذي حاضر بدوره في موضوع:” الفترات التاريخية ما بين عصر الطوائف وعصر المرابطين وعصر الموحدين”، والتي أفاضت في جوانب تاريخية وفنية هامة، أنارت جزءا كبيرا من ممارسة الفنون والآداب وخلافهما، وارتباط ذلك بالفترة الذهبية للعمران والإنسان الأندلسي، وتأثرات كل ذلك على الحضارات الإسلامية، من بينها دول المرابطين والموحدين.
جدير بالذكر، أن اللقاء حضره ثلة من المثقفين والباحثين في شتى العلوم، منيرين فضاء الأحاديث بالنقاش والإفاضة في إبداعات المغاربة عبر الحقب والأزمان، وارتباط الحضارات المغربية بالتراث وصيانته وتقديسه.