(كش بريس/التحرير) : يستحيل قياس ما أقبل على تقديمه مسؤول حكومي، أو ما شابه، من المكلفين بمهة، في أي قطاع عمومي أو تابع له. لدرجة أنك إذا قارنت بين حجم مداخيل إدارته وميزانية الإنفاق، تجد الأخيرة تلهف ثلثي المادة، ثلث للموظفين، رعاة النظريات المسحولة لقاع أدمغة محشوة بالكبرياء الفارغ والتعالي الخارج عن نص الحقيقة، والمتبقي يصرف بفعل الشيطان وما يخرج من حسابات، أغلبها منفوخ ومعقم ضد لجان الافتحاص والمراقبة المالية؟.
يكمن هذا النظر القولي، تماما في حالة استثنائية وفريدة، تخص إدارة الشركة الملكية لتشجيع الفرس، وما أدراك ما إدارة الشركة.
إنه عنوان جدير بتأليف رواية في علم النفس الإداري، وسيكولوجية التفنن في إقحام كل نظريات العماء والفجاجة والسقوط العقلاني.
لن تستغرب بتاتا، وأنت تقرأ رقما لإيرادات SOREC المقدرة بأكثر من 800 مليار سنتيم في السنة، لتحكم بنفسك عن متاهة هذا النوع من التحليل الدرامي الصعب لإدارة، لا تنتج شيئا سوى التهام هذا الحجم الخيالي من المداخيل؟
وربما سيدفعك الفضول، لمعرفة الملف الحقيقي لمداخيل رهانات الخيل بالمملكة، حتى يتوحد لديك هدف المعرفة، بتقييم عدد سنوات تعيين المدير الأسطوري، الذي لا يستمع إلى أحد، ولا يقبل نقدا، ولا يحاجج أي متغير، حتى لو كان من جحر الإبرة؟
منذ تعيينه على رأس SOREC سنة 2009، سيجتهد المدير في قلع أضراس كل الأعمدة الخرسانية التي تقوم عليها مؤسسته، بمن فيهم خبراء الإدارة والتوجيه والتخطيط، وسيقدم لمساعدته على تنفيذ مخططه الجهنمي، عناصر جديدة من عوالم مختلفة، لا علاقة لها بالإدارة والماركوتينغ، ولا تعرف أو تهرف في مجال ينوء بحمل ضوابط الميدان وعلاقاته المتشابكة .
حتى الجمعيات المهنية التي ضمن قانون التأسيس الأول، الخاص باللجنة الاستشارية لسباق الخيل بالمغرب، المؤسسة بظهير شريف يناير 1920، والمتكونة من المجلس الإداري، الذي يرأسه وزير الفلاحة، وبعضوية مدير سلاسل الانتاج وشركة سباق الخيل، (حتى الجمعيات)، عمل على تدجين بعضها وضمها إلى ملكيته الإدارية، وأخرى كاد لها كيدا مبرما، وأسقطها من علاماته التجارية، لتذوب في خبر كان، إلا جمعية سباق الخيل بمراكش، فشل فشلا دريعا في الإجهاز عليها وتهميشها تهميشا مبرما، بعد أن سلط عليها السحرة وأباليس الجن والإنس، والقصة معروفة لدى الخاص والعام؟.
لا حقيقة تابثة، في هذا المشوار الطويل والمعقد، الذي حصرته مصالح إدارية في شركة، من المفروض أن تخضع لكل درجات الرقابة الإدارية والمالية، مع تخصيص جلسات برلمانية واستشارية للمساءلة أمام نواب الأمة، مع التأكيد على دخول المجلس الأعلى للحسابات على خط إخضاع SOREC للرقابة المالية وإبداء الاستشارة في إدارة وتدبير ميزانياتها الضخمة لتقارير قضائية وخبراتية دقيقة.
إن حالة الغموض الذي يشوب هذه المؤسسة، التي تحصد أرقاما فلكية في مضمارات السباقات على الرهان، ومداخيل إضافية في العديد من الأنشطة المبرمجة، السنوية منها والمبتوتة بإيقاع الأجندة السنوية والزمنية الأخرى، يثير أكثر من سؤال حول معنى وجودها القانوني والدستوري؟ وأبعاد تأسيسها ومقارباتها في باراديجم الإدارة الوطنية، وعلاقتها بوزارة الفلاحة؟، ولماذا لا تخضع لنفس ما تخضع له كل الشركات الوطنية ذات الصلة؟ …إلخ.
ومن بين أسرار هذا الجبل الغامض من الأسئلة المطروحة، هناك قضايا تتعلق بمستوى تدبير المؤسسة النافذة إياها، بدءا من موظفيها، ومعاونيها، مرورا بتجهيزاتها وأملاكها وأساطيلها، وانتهاء بصفقاتها وميزانياتها وأضلع المتعاقدين بإزاء ذلك، والقائمين على مشاريعها ومشروعاتها ..إلخ.
كل هذه الاستفهامات وأخرى، تفرض نفسها اليوم قبل الغد، وتستعجل بالضرورة القصوى، توجيهها للسيد وزير الفلاحة، ورئيس الحكومة ونواب الأمة في الغرفتين، الكشف عن المعطيات الحقيقية، والمعلومات الكافية، التي تؤطر SOREC منذ تأسيسها وإلى الآن، من أجل إطلاع الرأي العام الوطني، على الملفات المذكورة سالفا، حتى يتمكن كل مواطن مواطن، من فهم ما يجري هناك، تحت رقابة القانون والدستور؟.
لقد سبق لموقع “كش بريس” أن سلط أضواء كثيرة على حجم التبدير وإهلاك الزرع، الذي تعيشه SOREC، انطلاقا من التعتيم في مجرى المعاملات والعقود المبرمة تحت رعايتها، والتبديد الخطير للأموال العامة ، والاختيارات التعسفية ، والقرارات العشوائية، والعيوب في الإجراءات الإدارية ، وتجاهل الجمعيات المهنية والشركاء ؟
وهي اليوم، وبمناسبة عقد الشركة SOREC، للدورة 11 من الجمع العام للمجلس الإداري، وكذا 13 سنة على تعيين مديرها المذكور، تسائل القطاع الوصي، والمؤسسات ذات الصلة، والجمعيات الحقوقية والمهنية المهتمة بحماية المال العام، وكل الغيورين الوطنيين الشرفاء، التدخل العاجل، كل من موقع مسؤوليته، لوقف هذا العبث، والاتجاه إلى فتح تحقيق نزيه وعادل ومنصف، وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا تستمر هذه المهزلة ..
وأهم شيء في كل ما قيل، هو رفع حالة اللبس التي تعانيه ظاهرة شاذة وفريدة، كون هذه الشركة وتحت إدارة من هذا القبيل، وفي عز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي يعانيها المغرب، لا زالت تدير ظهرها للجميع، متحدية صرخات الجمعيات المهنية والشركاء وكل رواد سباقات الخيل بالمدن المغربية، مستمرة في عنادها وتصلب مواقفها، مع ما يصدر عنها، من العبث بالمال العمومي وتبذيره على نحو واسع، وإغراق خريطة مشاريعها بدفاتر تحملات لا رقابة عليها ولا حساب، واستمرارها في خرق كل القوانين المؤطرة.
فهل تتحرك أجهزة الدولة؟ وهل ينتهي هذا الكابوس، الذي لا يمكن أن يكون بقدر سماوي، دون أن يبدع من شكله البشري المتداعي، أصوات لا تريد لهذا الوطن أن ينزعه الحق والقانون إلى طوق النجاة؟.