ماستر العلوم الجنائية والأمنية: جلسات علمية مفيدة وتوصيات متميزة
د محمد فخرالدين
نظم ماستر العلوم الجنائية والأمنية، تحت لواء مختبر الدراسات والأبحاث الجنائية والإدارية يوم دراسي علمي الفائدة طلبة هذا الماستر، وذلك يومه السبت 18 ماي 2024 برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش،
واختير كعنوان لهذا اليوم الدراسي موضوع “العقوبات البديلة وتوجهات السياسة الجنائية”
سعى هذا اليوم الدراسي جاهدًا إلى تحقيق جملة من الأهداف الهامة، تمثلت في:
- تمكين طلاب الماستر في تخصص العلوم الجنائية والأمنية من مهارات البحث العلمي المتقدمة؛ وحثهم على أن يكونوا باحثين أكفاء في مجال العلوم الجنائية والأمنية، قادرين على إجراء بحوث علمية رصينة تُثري هذا المجال.
- توجيه جهود البحث نحو القضايا الجنائية ذات الأهمية القصوى، بما يسهم في إيجاد حلول فعّالة للتحديات التي تواجهها المجتمعات.
ونظراً لأهمية الموضوع المختار لهذا اليوم الدراسي، وهو “العقوبات البديلة وتوجهات السياسة الجنائية”، تم تقسيم فعالياته إلى جلستين علميتين متميزتين، تخللتها عشر مداخلات قيمة، تضافرت فيها جهود كل الطلبة الباحثين لتناولت مختلف جوانب الموضوع ..
حيث شكلت الجلسة العلمية الأولى انطلاقة قوية لليوم الدراسي، عبر مداخلاتها الخمس المقدمة من قبل الطلبة الباحثين، والتي مهدت الطريق لمناقشات أعمق حول موضوع العقوبات البديلة وتوجهات السياسة الجنائية الحديثة، من خلال تسليط الضوء على أبرز صور العقوبات البديلة التي جاء بها مشروع القانون رقم 43.22، وفي مقدمتها الغرامة اليومية والمراقبة الإلكترونية وتقييد الحقوق، وكلها بدائل للعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة، وقد تطرق الطلبة المتدخلون، في نفس الجلسة العلمية، إلى مواضيع ذات الصلة الوطيدة بموضوع العقوبات البديلة وعلى رأسها المحور المتعلق بالعقاب والعقاب البديل بين المفهوم القانوني والأنثروبولوجي، واختتمت الجلسة العلمية الأولى بموضوع العقوبات البديلة وأزمة السجون في المغرب.
وقد تلت هذه المداخلات بهذه الجلسة، مناقشات علمية، من خلال مداخلات تعقيبية وتوضيحية، شكلت أرضية لتفاعل إيجابي.
وأما الجلسة العلمية الثانية، فقد تضمنت هي الأخرى خمس مداخلات قيمة، تناول القائمون عليها مجموعة من المحاور ذات الصلة بالموضوع المبحوث فيه، كمحور العقوبات البديلة وعلاقتها بالكلفة المالية الباهظة لبناء المؤسسات السجنية، وكذا إمكانية الحكم بالعقوبات البديلة على القاصرين البالغين 15 سنة، ومحور العمل لأجل المنفعة العامة كعقوبة بديلة، دون أن يغفل المتدخلون ضرورة استحضار المرجعية الدولية في إقرار العقوبات البديلة ايمانا منهم باحترام المملكة المغربية لالتزاماتها تجاه المنتظم الدولي، لتسدل ستار هذه الجلسة العلمية بمداخلة أخيرة حولتدابير تنفيذ العقوبات في قانون المسطرة الجنائية.
وعلى إثر انتهاء المداخلات، فتح باب النقاش، من جديد، حيث تعاقب على الكلمات التعقيبية و الأسئلة ثلة من الحضور، من أساتذة طلبة وممارسين، ساهموا في اثراء مضامين هذا اليوم و تفاعلوا مع مداخلات كافة الطلبة الباحثين.
وانبثق عن هذا اليوم الدراسي مجموعة من التوصيات نوردها على مسامعكم، 12عشر توصية منها على الشكل الآتي:
- التعجيل بنشر مشروع العقوبات البديلة بالجريدة الرسمية، وبالموازاة مع ذلك نشر المشروع رقم 10,23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية ؛
- تفعيل دور وسائل الإعلام والقيام بعمليات التحسيس والتوعية من أجل التعريف بأهمية العقوبات البديلة في الحد من سلبيات السجن وضمان تقبلها من طرف المجتمع؛
- تهييئ المجتمع المغربي لاستقبال هذا النوع من العقوبات؛
- تحديد المشرع بدقة لساعات العمل من أجل المنفعة العامة بالنسبة للأحداث ..
- عقلنة طريقة أداء الغرامة اليومية والوضع في عين الاعتبار وضعية المحكوم عليه الاقتصادية.
- ضرورة اعتماد التدرج في توسيع العقوبات البديلة على اعتبار أن الدول الرائدة في مجال العقوبات البديلة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، السويد وأستراليا قد اعتمدت التوسيع التدريجي لبدائل العقوبات السالبة للحرية وذلك بعد التأكيد من فعاليتها و نجاحها ..
- ضرورة مواكبة المحكوم عليه والإشراف على عملية إعادة إدماجه وتتبع مراحلها و التدخل الفوري في حالة عدم الامتثال لهذه العقوبات البديلة ..
- تدريس أنثروبولوجيا القانون على المستوى الأكاديمي، وتشجيع الباحثين على الاهتمام بأنثروبولوجيا العقاب والاستعانة بالبحوث الأنثروبولوجية والاجتماعية في تشخيص المشاكل العملية للنظام العقابي لتحقيق غاياتها الاجتماعية والأمنية واستشراف الحلول المستقبلية ..
- تأسيس مرصد وطني لرصد نتائج العقوبات السالبة للحرية والعقوبات البديلة وصعوبات التنفيذ المرتبطة بها ..
- استحضار حقوق الضحايا عند تنزيل مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة ..
- ضرورة تضافر جهود جميع الفاعلين في المنظومة القضائية لنجاح هذه البدائل ..
- وأخيرا، ضرورة إيجاد بنية مؤسساتية وبشرية مؤهلة من أجل تفعيل العقوبات البديلة..